responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكتاب المقدس نویسنده : مجمع الكنائس الشرقية    جلد : 1  صفحه : 26


قد جمع الإنجيليون ودونوا ، وفقا لنظراتهم الخاصة ، ما أتاهم من التقاليد الشفهية . لكنهم لم يكتفوا بذلك . فقد كانوا يشعرون هم أيضا أنهم يعلنون البشرى لأهل جيلهم ويرغبون في التعليم وفي الجواب عن مشاكل الجماعات التي كانوا يكتبون لأجلها . سنرى فيما بعد ما هي النظرة الخاصة بكل من الإنجيليين . أما الآن فلا بد من لفت النظر إلى أمر جوهري لم يبق موضوع نزاع منذ بحوث الأجيال الأخيرة في تاريخ التقليد وتكوين الأناجيل ، وهو أن الأناجيل بما فيها من تفاصيل مميزة كثيرة ، تعود بنا إلى إيمان الجماعات المسيحية الأولى وحياتها . ومن الشواهد التي تعزز هذا القول ، هناك ، على سبيل المثال ، النصوص التي تروي لنا عشاء يسوع الأخير . لدينا أربع روايات ( متى ومرقس ولوقا والرسالة الأولى إلى أهل قورنتس ) تعود عند التحقيق إلى صيغتين : الصيغة التي يشهد عليها متى ومرقس من جهة ، والصيغة التي وردت في لوقا وبولس من جهة أخرى . والحال أن هاتين الصيغتين ، وهما تختلفان في عدة أمور ، تبدوان كلاهما وكأنهما نصوص تنقل عبارات تقليدية ثبتها الاستعمال الطقسي . فبولس " يبلغ " ما " تلقاه " . والإنجيليون لا يروون عشاء يسوع الأخير في تفصيله كله ، بل يركزون روايتهم على حركات المعلم وأقواله التي تردد في الاحتفال بسر القربان . فالعبارة " بارك " التي وردت في متى ومرقس تدل في الأرجح على استعمال فلسطيني ( يوافق البركة اليهودية ) ، في حين أن استعمال لفظة " شكر " عند لوقا وبولس تدل بالأحرى على بيئة هلنستية . وهناك أمثال أخرى على روايتين مختلفتين لتقليد واحد . كالأبانا ( متى 6 / 9 - 15 ولوقا 11 / 2 - 4 ) أو التطويبات ( متى 5 / 3 - 12 ولوقا 6 / 20 - 26 ) ، تمكننا من الاقتراب في الوقت نفسه من طبيعة التقاليد المجموعة ومن التفكير الخاص بكل من الإنجيليين .
فالمرور في مرحلة التقليد الشفهي يبين لنا أيضا لماذا يبدو الكثير من الفقرات وحدات أدبية صغيرة مركزة على قول من أقوال يسوع أو عمل من أعماله ، بلا إطار زمني أو جغرافي دقيق . تدل على ذلك الأمر العبارات المدخلية غير الواضحة في حد ذاتها : " في تلك الأيام " ( متى 3 / 1 ومرقس 8 / 1 ) و " في ذلك الزمان " ( متى 11 / 25 ) و " بعد ذلك " ( لوقا 10 / 1 ) . فكل من هذه الروايات كان لها أولا وجود مستقل عن الأخرى ، وغالبا ما كان تنسيقها من صنع الإنجيليين . وبحكم استعمال تلك التقاليد عند الأجيال الأولى ، انصهرت الذكريات المروية في صيغ أدبية ثابتة إلى حد ما : هذا شأن الروايات والأحداث التي تحيط بقول من أقوال يسوع وتحدد ظروفه ، وهذا شأن مشاهد الجدال والشفاء والمعجزة . ومن السهل غالبا أن نكتشف البنية الخاصة بكل من أنواع الروايات هذه .
فكيف يجب النظر إلى تلك التقاليد ، إذا كانت تأثرت مثل هذا التأثر ، وهي تستعمل قبل أن تتخذ صورة ثابتة في الأناجيل ؟ وأية ثقة نوليها ؟ وما هي الصلة بينها وبين تاريخ يسوع ؟ عن هذه الأسئلة يمكننا أن نجيب أن وثائقنا هي شهادات للإيمان بيسوع المسيح ، وإنما يقصد منها أن نلتقي بذلك المسيح الذي نعرفه بالإيمان . ومع ذلك ، فقولنا إن الأناجيل هي وعظ وإن مؤلفيها - حتى لوقا الحريص على التاريخ - أرادوا أن يكونوا قبل كل شئ شهودا للبشرى لا يعني أنهم لا يبالون بحقيقة ( تاريخية ) الأحداث التي يروونها ، لكنهم أكثر اهتماما بإبراز معناها منهم بالتعبير الدقيق عن المضمون الحرفي لأقوال يسوع ( راجع الصيغ المختلفة للتطويبات والأبانا وكلام التقديس ) وظروف أعماله

26

نام کتاب : الكتاب المقدس نویسنده : مجمع الكنائس الشرقية    جلد : 1  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست