نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 122
على من زعم أن قوله : يستنجي بالماء مدرج من قول عطاء الراوي عن أنس ، كما حكاه ابن التين عن أبي عبد الملك ، فإن رواية خالد الحذاء السابقة تدل على أنه قول أنس . والحديث يدل على ثبوت الاستنجاء بالماء ، وقد أنكره مالك وأنكر أن يكون النبي ( ص ) استنجى بالماء . وقد روى ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن حذيفة بن اليمان أنه سئل عن الاستنجاء بالماء فقال : إذ لا يزال في يدي نتن . وعن نافع أن ابن عمر كان لا يستنجي بالماء . وعن ابن الزبير قال ما كنا نفعله . وذكر ابن دقيق العيد أن سعيد بن المسيب سئل عن الاستنجاء بالماء فقال : إنما ذلك وضوء النساء . قال : وعن غيره من السلف ما يشعر بذلك . والسنة دلت على الاستنجاء بالماء في هذا الحديث وغيره فهي أولى بالاتباع ، قال : ولعل سعيدا رحمه الله فهم من أحد غلوا في هذا الباب بحيث يمنع الاستنجاء بالأحجار ، فقصد في مقابلته أن يذكر هذا اللفظ لإزالة ذلك الغلو ، وبالغ بإيراده إياه على هذه الصيغة . وقد ذهب بعض من أصحاب مالك إلى أن الاستجمار بالحجارة إنما هو عند عدم الماء ، وإذا ذهب إليه بعض الفقهاء فلا يبعد أن يقع لغيرهم ممن في زمان سعيد رحمه الله انتهى . وقد اختلف العلماء في الاكتفاء بالأحجار وعدم تعين الماء ، فذهبت الشافعية والحنفية إلى عدم وجوب الماء وأن الأحجار تكفي إلا إذا تعدت النجاسة الشرج أي حلقة الدبر ، وقال بقولهم سعد بن أبي وقاص وابن الزبير وابن المسيب وعطاء واستدلوا بحديث : إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه كما تقدم وبنحوه من أحاديث الاستطابة . وذهبت العترة والحسن البصري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو علي الجبائي إلى عدم الاجتزاء بالحجارة للصلاة ووجوب الماء وتعينه ، واحتجوا لذلك بقوله تعالى : * ( فلم تجدوا ماء فتيمموا ) * ( النساء : 43 ) وأجيب بأن الآية في الوضوء ولا شك أن الماء متعين له ، ولا يجزئ التيمم إلا عند عدمه ، وأما محل النزاع فلا دلالة في الآية عليه . قالوا : حديث الباب ونحوه مصرح بأن النبي ( ص ) استنجى بالماء ، قلنا : النزاع في تعينه وعدم الاجتزاء بغيره ومجرد فعل النبي له لا يدل على المطلوب ، وإلا لزمكم القول بتعين الأحجار ، لأن النبي ( ص ) فعله وهو عكس مطلوبكم . قالوا : أخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي من حديث عائشة أنها قالت للنساء : مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم وأن رسول الله ( ص ) فعله ، قلنا : صرحت بالمستند وهو مجرد فعل النبي له ، ولم تنقل عنه الامر به ولا حصر الاستطابة عليه . قالوا : حديث قباء وفيه الثناء عليهم لأنهم كانوا
122
نام کتاب : نيل الأوطار نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 122