نام کتاب : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء نویسنده : أحمد بن عبد الرزاق الدويش جلد : 1 صفحه : 331
قاصده أن هذا أجدى للدعاء ويريد التوسل به والاستشفاع به - فهذا لم تأت به الشريعة ، والوسائل لها حكم الغايات في المنع ، قال تعالى : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ } [1] فدلت الآية على أن هذا المدعو إما أن يكون مالكا أو لا ، وإذا لم يكن مالكا فإما أن يكون شريكا أو لا ، وإذا لم يكن شريكا فإما أن يكون معينا أو لا ، وإذا لم يكن معينا فإما أن يكون شافعا بغير إذن الله أو لا ، والأقسام الأربعة باطلة ، فتعين الأخير وهو : أن الشافع لا يشفع إلا بإذنه ، وقد دل قوله تعالى : { وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى } [2] على أن رضاه عن المشفوع شرط ، فهذان شرطان للشفاعة . والصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يتوسلون بذات الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنما كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم ، فالاستعانة بالحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه جائزة ، ولا يجوز أن يطلب منه ما هو من حق الله جل وعلا ، هذا في الحي ، فأما الميت فلا يجوز التوسل به والاستشفاع به مطلقا ، بل هو وسيلة من وسائل الشرك كما سبق . وأما من يعكف عند هذا القبر فلا يخلو من أمرين : أحدهما : أن يكون الغرض منه عبادة الله ، فهذا لا يجوز ؛ لما فيه من الجمع بين معصية العكوف ومعصية عبادة الله عند القبر ، وذلك من وسائل الشرك التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم . أما بالنسبة لتحريم العكوف فروى الترمذي في جامعه وصححه عن أبي واقد الليثي قال : « خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم ، يقال لها : ذات أنواط ، فمررنا بسدرة فقلنا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر ، إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ؛ قال : إنكم قوم تجهلون ، لتركبن سنن من كان قبلكم » [3] .
[1] سورة سبأ الآية 22 [2] سورة الأنبياء الآية 28 [3] رواه الإمام أحمد ( 5 / 218 ) ، والترمذي ( 4 / 475 ) .
331
نام کتاب : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء نویسنده : أحمد بن عبد الرزاق الدويش جلد : 1 صفحه : 331