نام کتاب : جواهر العقود نویسنده : المنهاجي الأسيوطي جلد : 1 صفحه : 12
لضرورة ، لابد له منها ، فإن صناعته شريفة ، ورتبته منيفة ، بها يطلع على غوامض الأمور ، وأسرار الملوك ، وأحوال الجمهور ، وبها يحفظ دماء الناس وأموالهم ، وتنبني عليها أقوالهم وأفعالهم ، وينبغي أن لا يتكلم مع الأخصام من الشهود ، إلا العارف بالقضايا ، وأن يميز بين الخصمين ، ويعرف المشهود عليه من المشهود له ، ولا يبطن قضية مع أحد الخصمين يكون للاخر فيها حقا ، فإن ذلك يؤدي إلى الاتهام في النصيحة . وربما أدت المباطنة مع أحد الخصمين إلى زيادة مخاصمة ، وربما عاد ضرر ذلك على الشاهد في الحال والمال . وإذا كان أحد الشاهدين مع الخصمين ، أو مع أحدهما في مسألة ، فلا يتكلم فيها الشاهد الثاني حتى ينتهي كلام الأول . فإن كان صوابا وإلا رده عليه الثاني ، ونبهه على الصواب برفق ، ولا يتنازعان في المجلس بحضرة الأخصام ، فإن ذلك يكسر الحرمة ، ويزيل الأبهة . وينبغي للشاهد : أن لا يسرع في الكتابة ، حتى يوقع الشهادة بما يقع عليه الاتفاق ، فإن ذلك يقطع التنازع بين الخصمين ، وربما المشهود عليه ضعيفا ، فإذا اشتغل الشاهد في الكتاب ربما أغمي عليه ، واستمر مغمورا إلى أن يموت ، فيفوت المقصود . ولا يكتب الشاهد على ظهر مكتوب قبل تحرير ما يقع به الاشهاد ، فربما حصل خلف بينهما ، فيؤدي ذلك إلى فساد المكتوب على صاحبه ، وتتطرق الريبة إليه ، بل يلخص المشهود به في مسودة ، ثم يوقع الاشهاد به ، ثم يكتب على ظهر المكتوب ، بعد أن يوقف عليه رفيقه الذي يشهد معه في القضية ، ثم ينقله إلى الكتاب الذي يريد أن يكتبه ، فإنه إذا لم يفعل ذلك ، وشرع في الكتابة ، معتمدا على جودة ذهنه ، وبادي بديهته ، ووثوقه من نفسه بعدم الخطأ في الغالب . فقد يذهل ويجري القلم - الذي هو لسان اليد ، وبهجة الضمير ، وسفير العقول ، ووحي الفكر ، ورائد الأمور - بغير مراد الكاتب ، فإن كان المكتوب إنشاء فيحتاج إلى كشط ، أو إلحاق . فيكون ذلك عيبا في المكتوب ، لا سيما إن ذهل عن الاعتذار عنه . وخرج المكتوب من يده ، فيصير فيه ريبة إن بعد الزمان ، ومات الشاهد أو غاب ، وإن غير المكتوب ، فقد كلف نفسه غرم ذلك ، وإن كانت الكتابة على ظهر مكتوب قديم قد توالت عليه خطوط بالأحكام والثناء فيه ، فيجري القلم بغير المقصود . فيحتاج إلى تغيير ذلك الفصل في فصل آخر . فقد تتعذر الكتابة على المكتوب ، لضيقه أو لضيق الزمان . فإن أبقاه على الخطأ ، أو أصلحه بالمقصود على عسر في الكتابة ، وضيق في المكتوب ، أدي ذلك إلى الكلام في المكتوب والكاتب . وهذا في حق موقعي الحكم العزير آكد ، من كون أن غالب القضايا الحكمية ،
12
نام کتاب : جواهر العقود نویسنده : المنهاجي الأسيوطي جلد : 1 صفحه : 12