وَهَكَذَا لَوْ ظَنَّ بِرَجُلٍ أَنَّهُ يَتْرُكُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ أَوْ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ لَمْ يُؤَاخِذْهُ بِالتُّهَمِ وَلَمْ يُعَامِلْهُ بِالْإِنْكَارِ ، وَلَكِنْ يَجُوزُ لَهُ بِالتُّهْمَةِ أَنْ يَعِظَ وَيُحَذِّرَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَلَى إسْقَاطِ حُقُوقِهِ وَالْإِخْلَالِ بِمَفْرُوضَاتِهِ .فَإِنْ رَآهُ يَأْكُلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يُقْدِمْ عَلَى تَأْدِيبِهِ إلَّا بَعْدَ سُؤَالِهِ عَنْ سَبَبِ أَكْلِهِ إذَا الْتَبَسَتْ أَحْوَالُهُ فَرُبَّمَا كَانَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا ، وَيَلْزَمُهُ السُّؤَالُ إذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ أَمَارَاتُ الرَّيْبِ ، فَإِنْ ذَكَرَ مِنْ الْأَعْذَارِ مَا يَحْتَمِلُهُ حَالُهُ كَفَّ عَنْ زَجْرِهِ وَأَمَرَهُ بِإِخْفَاءِ أَكْلِهِ لِئَلَّا يُعَرِّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهْمَةِ ، وَلَا يَلْزَمُ إحْلَافُهُ عِنْدَ الِاسْتِرَابَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَوْكُولٌ إلَى أَمَانَتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا جَاهَرَ بِالْإِنْكَارِ عَلَيْهِ مُجَاهَرَةَ رَدْعٍ وَأَدَّبَهُ تَأْدِيبَ زَجْرٍ ، وَهَكَذَا لَوْ عَلِمَ عُذْرَهُ فِي الْأَكْلِ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الْمُجَاهَرَةَ بِتَعْرِيضِ نَفْسِهِ لِلتُّهْمَةِ ، وَلِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ مِنْ ذَوِي الْجَهَالَةِ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُ حَالَ عُذْرِهِ مِنْ غَيْرِهِ .وَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ مِنْ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ ؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَعَامِلُ الصَّدَقَةِ يَأْخُذُهَا مِنْهُ جَبْرًا أَخَصُّ ، وَهُوَ بِتَعْزِيرِهِ عَلَى الْغُلُولِ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ عُذْرًا أَحَقُّ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُحْتَسِبُ أَخَصَّ بِالْإِنْكَارِ عَلَيْهِ مِنْ عَامِلِ الصَّدَقَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ لِلْعَامِلِ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ بِالْإِنْكَارِ عَلَيْهِ أَخَصَّ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا لَهُ أَجْزَأَهُ ، وَيَكُونُ تَأْدِيبُهُ مُعْتَبَرًا بِشَوَاهِدِ حَالِهِ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ ، فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يُخْرِجُهَا سِرًّا وُكِّلَ إلَى أَمَانَتِهِ فِيهَا .وَإِنْ رَأَى رَجُلًا يَتَعَرَّضُ لِمَسْأَلَةِ النَّاسِ فِي طَلَبِ الصَّدَقَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُ غَنِيٌّ إمَّا بِمَالٍ أَوْ عَمَلٍ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ وَأَدَّبَهُ فِيهِ وَكَانَ الْمُحْتَسِبُ بِإِنْكَارِهِ أَخَصَّ مِنْ عَامِلِ الصَّدَقَةِ .قَدْ فَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ بِقَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ ، وَلَوْ رَأَى عَلَيْهِ آثَارَ الْغِنَى وَهُوَ يَسْأَلُ النَّاسَ أَعْلَمُهُ تَحْرِيمَهَا عَلَى الْمُسْتَغْنِي عَنْهَا وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَاطِنِ فَقِيرًا ، وَإِذَا تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ ذُو جَلَدٍ وَقُوَّةٍ عَلَى الْعَمَلِ زَجَرَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلِاحْتِرَافِ بِعَمَلِهِ ، فَإِنْ أَقَامَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ عَزَّرَهُ حَتَّى يُقْلِعَ عَنْهَا .وَإِنْ دَعَتْ الْحَالَةُ عِنْدَ إلْحَاحِ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ لِمَالٍ أَوْ عَمَلٍ إلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى ذِي الْمَالِ جَبْرًا مِنْ مَالِهِ وَيُؤَجِّرَ ذَا الْعَمَلِ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ وَالْحُكَّامَ بِهِ أَحَقُّ فَيَرْفَعُ أَمْرَهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَتَوَلَّى ذَلِكَ أَوْ يَأْذَنَ فِيهِ .وَإِذَا وَجَدَ مَنْ يَتَصَدَّى لِعِلْمِ الشَّرْعِ ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ مِنْ فَقِيهٍ أَوْ وَاعِظٍ وَلَمْ يَأْمَنْ اغْتِرَارَ النَّاسِ بِهِ فِي سُوءِ تَأْوِيلٍ أَوْ تَحْرِيفِ جَوَابٍ أَنْكَرَ عَلَيْهِ التَّصَدِّي لِمَا لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَأَظْهَرَ أَمْرَهُ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ .وَمَنْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ لَمْ يَقْدَمْ عَلَيْهِ بِالْإِنْكَارِ إلَّا بَعْدَ الِاخْتِبَارِ .قَدْ مَرَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ عَلَى النَّاسِ فَاخْتَبَرَهُ ، فَقَالَ لَهُ