responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 23


بَدِيهَتُهُ وَفِكْرَتُهُ سَوَاءٌ إذَا اشْتَبَهَتْ عَلَى النَّاسِ الْأُمُورُ وَأَحْزَمُ مَا يَكُونُ الدَّهْرَ يَوْمًا إذَا أَعْيَا الْمُشَاوِرُ وَالْمُشِيرُ وَصَدْرٌ فِيهِ لِلْهَمِّ اتِّسَاعٌ إذَا ضَاقَتْ مِنْ الْهَمِّ الصُّدُورُ فَهَذِهِ الْأَوْصَافُ إذَا كَمُلَتْ فِي الزَّعِيمِ الْمُدَبِّرِ - وَقَلَّ مَا تَكْمُلُ - فَالصَّلَاحُ بِنَظَرِهِ عَامٌّ وَمَا يُنَاطُ بِرَأْيِهِ وَتَدْبِيرِهِ تَامٌّ ؛ وَإِنْ اخْتَلَّتْ فَالصَّلَاحُ بِحَسَبِهَا يَخْتَلُّ وَالتَّدْبِيرُ عَلَى قَدْرِهَا يَعْتَلُّ وَلَئِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ الشُّرُوطِ الدِّينِيَّةِ الْمَحْضَةِ فَهُوَ مِنْ شُرُوطِ السِّيَاسَةِ الْمُمَازِجَةِ لِشُرُوطِ الدِّينِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ مَصَالِحِ الْأُمَّةِ وَاسْتِقَامَةِ الْمِلَّةِ .
فَإِذَا كَمُلَتْ شُرُوطُ هَذِهِ الْوَزَارَةِ فِيمَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهَا فَصِحَّةُ التَّقْلِيدِ فِيهَا مُعْتَبَرَةٌ بِلَفْظِ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَوْزِرِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى عَقْدٍ وَالْعُقُودُ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْقَوْلِ الصَّرِيحِ ، فَإِنْ وَقَعَ لَهُ بِالنَّظَرِ وَأَذِنَ لَهُ لَمْ يَتِمَّ التَّقْلِيدُ ، حُكْمًا ، وَإِنْ أَمْضَاهُ الْوُلَاةُ عُرْفًا حَتَّى يَعْقِدَ لَهُ الْوَزَارَةَ بِلَفْظٍ يَشْتَمِلُ عَلَى شَرْطَيْنِ : أَحَدُهُمَا عُمُومُ النَّظَرِ ، وَالثَّانِي النِّيَابَةُ ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى عُمُومِ النَّظَرِ دُونَ النِّيَابَةِ فَكَانَ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ أَخَصَّ ؛ فَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْوَزَارَةُ ، فَإِنْ اقْتَصَرَ بِهِ عَلَى النِّيَابَةِ فَقَدْ أَبْهَمَ مَا اسْتَنَابَهُ فِيهِ مِنْ عُمُومٍ وَخُصُوصٍ أَوْ تَنْفِيذٍ وَتَفْوِيضٍ فَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْوَزَارَةُ ، وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا انْعَقَدَتْ وَتَمَّتْ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا وَهُوَ بِأَحْكَامِ الْعُقُودِ أَخَصُّ أَنْ يَقُولَ قَدْ قَلَّدْتُكَ مَا إلَيَّ نِيَابَةً عَنِّي فَتَنْعَقِدُ بِهِ الْوَزَارَةُ لِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ بَيْنَ عُمُومِ النَّظَرِ وَالِاسْتِنَابَةِ فِي النَّظَرِ ، فَإِنْ قَالَ لَهُ نُبْ عَنِّي فِيمَا إلَيَّ احْتَمَلَ أَنْ تَنْعَقِدَ بِهِ الْوَزَارَةُ لِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ فِي هَذَا اللَّفْظِ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ : عُمُومِ النَّظَرِ وَالِاسْتِنَابَةِ وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا تَنْعَقِدَ بِهِ الْوَزَارَةُ لِأَنَّهُ إذْنٌ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَتَقَدَّمَهُ عَقْدٌ وَالْإِذْنُ فِي أَحْكَامِ الْعُقُودِ لَا تَصِحُّ بِهِ الْعُقُودُ ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ قَدْ اسْتَنَبْتُكَ فِيمَا إلَيَّ انْعَقَدَتْ بِهِ الْوَزَارَةُ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ مُجَرَّدِ الْإِذْنِ إلَى أَلْفَاظِ الْعُقُودِ .
وَلَوْ قَالَ : اُنْظُرْ فِيمَا إلَيَّ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْوَزَارَةُ لِاحْتِمَالِهِ أَنْ يَنْظُرَ فِي تَصَفُّحِهِ أَوْ فِي تَنْفِيذِهِ أَوْ فِي الْقِيَامِ بِهِ ، وَالْعَقْدُ لَا يَنْبَرِمُ بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ حَتَّى يَصِلَهُ بِمَا يَنْفِي عَنْهُ الِاحْتِمَالَ وَلَيْسَ يُرَاعَى فِيمَا يُبَاشِرُهُ الْخُلَفَاءُ وَمُلُوكُ الْأُمَمِ مِنْ الْعُقُودِ الْعَامَّةِ مَا يُرَاعَى فِي الْخَاصَّةِ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُؤَكِّدَةِ لِأَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ مِنْ عَادَتِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِيَسِيرِ الْقَوْلِ عَنْ كَثِيرِهِ فَصَارَ ذَلِكَ فِيهِمْ عُرْفًا مَخْصُوصًا ، وَرُبَّمَا اسْتَثْقَلُوا الْكَلَامَ فَاقْتَصَرُوا عَلَى الْإِشَارَةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي الشَّرْعِ حُكْمٌ لِنَاطِقٍ سَلِيمٍ فَكَذَلِكَ خَرَجَتْ بِالشَّرْعِ مِنْ عُرْفِهِمْ .
وَالثَّانِي أَنَّهُمْ لِقِلَّةِ مَا يُبَاشِرُونَهُ مِنْ الْعُقُودِ تُجْعَلُ شَوَاهِدُ الْحَالِ فِي تَأَهُّبِهِمْ لَهَا مُوجِبًا لِحَمْلِ لَفْظِهِمْ الْمُجْمَلِ عَلَى الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ دُونَ الِاحْتِمَالِ الْمُجَرَّدِ ، فَهَذَا وَجْهٌ .
وَالْوَجْهُ

23

نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست