responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 179


إلَّا مَاءَ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ .
وَقَالَ أَصْحَابُهُ مِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ آدَمَ بَلْ الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّ مَاءَ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ يَسْتَقِرُّ فِي الْبَطَائِحِ فَيَنْقَطِعُ حُكْمُهُ وَيَزُولُ الِانْتِفَاعُ بِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى دِجْلَةِ الْبَصْرَةِ فَلَا يَكُونُ مِنْ مَاءِ الْخَرَاجِ ؛ لِأَنَّ الْبَطَائِحَ لَيْسَتْ مِنْ أَنْهَارِ الْخَرَاجِ ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ فَاسِدٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْبَطَائِحَ بِالْعِرَاقِ انْبَطَحَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَتَغَيَّرَ حُكْمُ الْأَرْضِ حَتَّى صَارَتْ مَوَاتًا وَلَمْ يُعْتَبَرْ حُكْمُ الْمَاءِ .
وَسَبَبُهُ مَا حَكَاهُ صَاحِبُ السِّيَرِ أَنَّ مَاءَ دِجْلَةَ كَانَ مَاضِيًا فِي الدِّجْلَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْغَوْرِ الَّذِي يَنْتَهِي إلَى الْبَصْرَةِ مِنْ الْمَدَائِنِ فِي مَنَافِذَ مُسْتَقِيمَةِ الْمَسَالِكِ مَحْفُوظَةِ الْجَوَانِبِ وَكَانَ مَوْضِعُ الْبَطَائِحِ الْآنَ أَرْضَ مَزَارِعَ وَقُرًى ذَاتِ مَنَازِلَ فَلَمَّا كَانَ الْمَلِكُ قَبَاءُ بْنُ فَيْرُوزَ انْفَتَحَ فِي أَسَافِلَ كَسُكَّرِ بَثْقٍ عَظِيمٍ أَغْفَلَ أَمْرَهُ حَتَّى غَلَبَ مَاؤُهُ وَغَرِقَ مِنْ الْعِمَارَاتِ مَا عَلَاهُ فَلَمَّا وَلِيَ أَنُوشِرْوَانَ ابْنُهُ أَمَرَ بِذَلِكَ الْمَاءِ فَتَزَحَّمَ بِالْمُسْنَيَاتِ حَتَّى عَادَ بَعْضُ تِلْكَ الْأَرْضِ إلَى عِمَارَتِهَا ، وَكَانَتْ عَلَى ذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي بَعَثَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ إلَى كِسْرَى رَسُولًا ، وَهُوَ كِسْرَى أَبْرِوِيزُ فَزَادَتْ دِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ زِيَادَةً عَظِيمَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا فَانْبَثَقَتْ بُثُوقًا عِظَامًا اجْتَهَدَ أَبْرِوِيزُ فِي سُكْرِهَا حَتَّى صَلَبَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعِينَ سُكَارَى وَبَسَطَ الْأَمْوَالَ عَلَى الْأَنْطَاعِ فَلَمْ يَقْدِرْ لِلْمَاءِ عَلَى حِيلَةٍ ثُمَّ وَرَدَ الْمُسْلِمُونَ الْعِرَاقَ وَتَشَاغَلَتْ الْفُرْسُ بِالْحُرُوبِ فَكَانَتْ الْبُثُوقُ تَنْفَجِرُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا وَيَعْجَزُ الدَّهَاقِينُ عَنْ سَدِّهَا فَاتَّسَعَتْ الْبَطِيحَةُ وَعَظُمَتْ ، فَلَمَّا وُلِّيَ ، مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَّى مَوْلَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَرَّاجٍ خَرَاجَ الْعِرَاقِ فَاسْتَخْرَجَ لَهُ مِنْ أَرْضِ الْبَطَائِحِ مَا بَلَغَتْ غَلَّتُهُ خَمْسَةَ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَاسْتَخْرَجَ بَعْدَهُ حَسَّانُ النَّبَطِيُّ لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ لِهِشَامٍ مِنْ بَعْدِهِ كَثِيرًا مِنْ أَرْضِ الْبَطَائِحِ ، ثُمَّ جَرَى النَّاسُ عَلَى هَذَا إلَى وَقْتِنَا حَتَّى صَارَتْ جَوَامِدُهَا مِثْلَ بَطَائِحِهَا وَأَكْثَرَ ، وَكَانَ هَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ مَا شَرَحْنَاهُ مِنْ أَحْوَالِ الْبَطَائِحِ عُذْرًا دَعَاهُمْ إلَيْهِ مَا شَاهَدُوا الصَّحَابَةَ عَلَيْهِ مِنْ إجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا أُحْيِيَ مِنْ مَوَاتِ الْبَصْرَةِ أَرْضُ عُشْرٍ وَمَا ذَاكَ لِعِلَّةٍ غَيْرِ الْإِحْيَاءِ .
وَأَمَّا حَرِيمُ مَا أَحْيَاهُ مِنْ الْمَوَاتِ لِسُكْنَى أَوْ زَرْعٍ فَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مُعْتَبَرٌ بِمَا لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ تِلْكَ الْأَرْضُ مِنْ طَرِيقِهَا وَفِنَائِهَا وَمَجَارِي مَائِهَا وَمَغيضا .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : حَرِيمُ أَرْضِ الزَّرْعِ مَا بَعُدَ مِنْهَا وَلَمْ يَبْلُغْهُ مَاؤُهَا .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : حَرِيمُهَا مَا انْتَهَى إلَيْهِ صَوْتُ الْمُنَادِي مِنْ حُدُودِهَا ، وَلَوْ كَانَ لِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَجْهٌ لَمَا اتَّصَلَتْ عِمَارَتَانِ وَلَا تَلَاصَقَتْ دَارَانِ وَقَدْ مَصَّرَتْ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْبَصْرَةَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجَعَلُوهَا خُطَطًا لِقَبَائِلِ أَهْلِهَا فَجَعَلُوا عَرْضَ شَارِعِهَا الْأَعْظَمِ وَهُوَ مِرْبَدُهَا سِتِّينَ ذِرَاعًا ، وَجَعَلُوا عَرْضَ

179

نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست