responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 158


وَبَكَّةُ الْمَسْجِدُ .
وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ .
وَحَكَى مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ : كَانَتْ مَكَّةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُسَمَّى صَلَاحًا لِأَمْنِهَا ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ لِابْنِ الْحَضْرَمِيِّ ( مِنْ الْوَافِرِ ) :
أَبَا مَطَرٍ هَلُمَّ إلَى صَلَاحِ * فَيَكْفِيَكَ النَّدَامَى مِنْ قُرَيْشِ وَتَنْزِلُ بَلْدَةً عَزَّتْ قَدِيمًا * وَتَأْمَنُ أَنْ يَزُورَكَ رَبُّ جَيْشِ وَحَكَى مُجَاهِدٌ أَنَّ أُمَّ زَحْمٍ وَالْبَاسَّةَ ، فَأَمَّا أُمُّ زَحْمٍ فَلِأَنَّ النَّاسَ يَتَزَاحَمُونَ بِهَا وَيَتَنَازَعُونَ ، وَأَمَّا الْبَاسَّةُ فَلِأَنَّهَا تَبُسُّ مِنْ الْحَدِّ فِيهَا أَيْ تُحَطِّمُهُ وَتُهْلِكُهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
* ( وَبُسَّتْ الْجِبَالُ بَسًّا ) * .
وَيُرْوَى النَّاسَّةُ بِالنُّونِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تَنِسُّ مِنْ الْحَدِّ فِيهَا أَيْ تَطْرُدُهُ وَتَنْفِيهِ .
وَأَصْلُ مَكَّةَ وَحُرْمَتُهَا مَا عَظَّمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُرْمَةِ بَيْتِهِ حَتَّى جَعَلَهَا لِأَجْلِ الْبَيْتِ الَّذِي أَمَرَ بِرَفْعِ قَوَاعِدِهِ وَجَعَلَهُ قِبْلَةَ عِبَادِهِ أُمُّ الْقُرَى كَمَا قَالَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - : * ( لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) * .
وَحَكَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ سَبَبَ وَضْعِ الْبَيْتِ وَالطَّوَافِ بِهِ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : * ( إنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) * .
فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ فَعَاذُوا بِالْعَرْشِ فَطَافُوا حَوْلَهُ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ يَسْتَرْضُونَ رَبَّهُمْ فَرَضِيَ عَنْهُمْ .
وَقَالَ لَهُمْ ابْنُوا لِي فِي الْأَرْضِ بَيْتًا يَعُوذُ بِهِ مَنْ سَخِطْتُ عَلَيْهِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَيَطُوفُ حَوْلَهُ كَمَا فَعَلْتُمْ بِعَرْشِي فَأَرْضَى عَنْهُمْ فَبَنَوْا لَهُ هَذَا الْبَيْتَ ، فَكَانَ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى * ( إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةِ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ) * فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لِلْعِبَادَةِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ كَانَ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِغَيْرِهَا ، فَقَالَ الْحَسَنُ وَطَائِفَةٌ قَدْ كَانَ قَبْلَهُ بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ بَيْتٌ .
وَفِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى * ( مُبَارَكًا ) * تَأْوِيلَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ بَرَكَتَهُ بِمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ثَوَابِ الْقَصْدِ إلَيْهِ .
وَالثَّانِي أَنَّهُ أَمْنٌ لِمَنْ دَخَلَهُ حَتَّى الْوَحْشِ فَيَجْتَمِعُ فِيهِ الظَّبْيُ وَالذِّئْبُ .

158

نام کتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية نویسنده : علي بن محمد البغدادي الماوردي    جلد : 1  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست