وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى مُسْلِمٍ سَقَطَ عَنْهُ خَرَاجُهَا وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى ذِمِّيٍّ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُ خَرَاجُهَا لِبَقَاءِ كُفْرِهِ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ خَرَاجُهَا بِخُرُوجِهِ بِالذِّمَّةِ عَنْ عَقْدِهِ مَنْ صُولِحَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي هَذَا الْخَرَاجِ الْمَوْضُوعِ عَلَيْهَا ، فَإِنْ وُضِعَ عَلَى مَسَائِحِ الْجُرْبَانِ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ كُلِّ جَرِيبٍ قَدْرٌ مِنْ وَرِقٍ أَوْ حَبٍّ ، فَإِنْ سَقَطَ عَنْ بَعْضِهَا بِإِسْلَامِ أَهْلِهِ كَانَ مَا بَقِيَ عَلَى حُكْمِهِ وَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ خَرَاجُ مَا سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ .وَإِنْ كَانَ الْخَرَاجُ الْمَوْضُوعُ عَلَيْهَا صُلْحًا عَلَى مَالٍ مُقَدَّرٍ لَمْ يَسْقُطْ عَلَى مِسَاحَةِ الْجُرْبَانِ ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُمْ مِنْ مَالِ الصُّلْحِ مَا سَقَطَ مِنْهُ بِإِسْلَامِ أَهْلِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَكُونُ مَالُ الصُّلْحِ بَاقِيًا بِكَمَالِهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ هَذَا الْمُسْلِمِ مَا خَصَّهُ بِإِسْلَامِهِ فَأَمَّا قَدْرُ الْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ فَيُعْتَبَرُ بِمَا تَحْتَمِلُهُ الْأَرْضُ ، فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ وَضَعَ الْخَرَاجَ عَلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ ضَرَبَ فِي بَعْضِ نَوَاحِيهِ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ قَفِيزًا وَدِرْهَمًا وَجَرَى فِي ذَلِكَ عَلَى مَا اسْتَوْفَقَهُ مِنْ رَأْيِ كِسْرَى بْنِ قُبَاءَ ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ مَسَّحَ السَّوَادَ وَوَضَعَ الْخَرَاجَ وَحَدَّدَ الْحُدُودَ وَوَضَعَ الدَّوَاوِينَ وَرَاعَى مَا تَحْتَمِلُهُ الْأَرْضُ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ بِمَالِكٍ وَلَا إجْحَافٍ بِزَارِعٍ وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ جَرِيبٍ قَفِيزًا وَدِرْهَمًا وَكَانَ الْقَفِيزُ وَزْنُهُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ وَثَمَنُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ بِوَزْنِ الْمِثْقَالِ ، وَلِانْتِشَارِ ذَلِكَ بِمَا ظَهَرَ فِي جَاهِلِيَّةِ الْعَرَبِ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سَلْمَى ( مِنْ الطَّوِيلِ ) :فَتُغْلِلْ لَكُمْ مَا لَا تُغِلُّ لِأَهْلِهَا * قُرًى بِالْعِرَاقِ مِنْ قَفِيزٍ وَدِرْهَمِ وَضَرَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى غَيْرَهَا غَيْرَ هَذَا الْقَدْرِ ، فَاسْتَعْمَلَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِالْمِسَاحَةِ وَوَضْعِ مَا تَحْتَمِلُهُ الْأَرْضُ مِنْ خَرَاجِهَا ، فَمَسَحَ وَوَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ مِنْ الْكَرْمِ وَالشَّجَرِ الْمُلْتَفِّ عَشْرَ دَرَاهِمَ ، وَمِنْ النَّخْلِ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ ، وَمِنْ قَصَبِ السُّكَّرِ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَمِنْ الرَّطْبَةِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ ، وَمِنْ الْبُرِّ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ ، وَمِنْ الشَّعِيرِ دِرْهَمَيْنِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَمْضَاهُ وَعَمِلَ فِي نَوَاحِي الشَّامِ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَعُلِمَ أَنَّهُ رَاعَى فِي كُلِّ أَرْضٍ مَا تَحْتَمِلُهُ .وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَاضِعُ الْخَرَاجِ بَعْدَهُ يُرَاعِي فِي كُلِّ أَرْضٍ مَا تَحْتَمِلُهُ ، فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ يُؤَثِّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي زِيَادَةِ الْخَرَاجِ وَنُقْصَانِهِ : أَحَدُهَا مَا يَخْتَصُّ بِالْأَرْضِ مِنْ جَوْدَةٍ يَزْكُو بِهَا زَرْعُهَا أَوْ رَدَاءَةٍ يَقِلُّ بِهَا رِيعُهَا وَالثَّانِي مَا يَخْتَصُّ بِالزَّرْعِ مِنْ اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ ، فَمِنْهَا مَا يَكْثُرُ ثَمَنُهُ ، وَمِنْهَا مَا يَقِلُّ ثَمَنُهُ ، فَيَكُونُ الْخَرَاجُ بِحَسَبِهِ وَالثَّالِثُ مَا يَخْتَصُّ بِالسَّقْيِ وَالشُّرْبِ ؛ لِأَنَّ مَا الْتَزَمَ الْمُؤْنَةَ فِي سَقْيِهِ بِالنَّوَاضِحِ وَالدَّوَالِي لَا يَحْتَمِلُ مِنْ الْخَرَاجِ مَا يَحْتَمِلُهُ سَقْيُ السُّيُوحِ وَالْأَمْطَارِ .