بَيْنَهُمْ بِمَا يُوجِبُهُ دِينُ الْإِسْلَامِ وَتُقَامُ عَلَيْهِمْ الْحُدُودُ إذَا أَتَوْهَا .وَمَنْ نَقَضَ مِنْهُمْ عَهْدَهُ بُلِّغَ مَأْمَنَهُ ثُمَّ كَانَ حَرْبِيًّا ، وَلِأَهْلِ الْعَهْدِ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ الْأَمَانُ عَلَى نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَلَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا فِيهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ ، وَلَا يُقِيمُونَ سَنَةً إلَّا بِجِزْيَةٍ ، وَفِيمَا بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ خِلَافٌ ، وَيَلْزَمُ الْكَفُّ عَنْهُمْ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ ، وَلَا يَلْزَمُ الدَّفْعُ عَنْهُمْ بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ .وَإِذَا أَمَّنَ بَالِغٌ عَاقِلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَرْبِيًّا لَزِمَ أَمَانُهُ كَافَّةَ الْمُسْلِمِينَ ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَذْلِ الْأَمَانِ كَالرَّجُلِ وَالْعَبْدُ فِيهِ كَالْحُرِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقِتَالِ ، وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ الصَّبِيِّ وَلَا الْمَجْنُونِ ، وَمَنْ أَمَّنَاهُ فَهُوَ حَرْبٌ إلَّا إنْ جَهِلَ حُكْمَ أَمَانِهِمْ فَيُبَلَّغُ مَأْمَنَهُ وَيَكُونُ حَرْبِيًّا وَإِذَا تَظَاهَرَ أَهْلُ الْعَهْدِ وَالذِّمَّةِ بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا حَرْبًا لِوَقْتِهِمْ فَيُقْتَلُ مُقَاتِلُهُمْ وَيُعْتَبَرُ حَالُ مَا عَدَا الْمُقَاتِلَةَ بِالرِّضَى وَالْإِنْكَارِ وَإِذَا امْتَنَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ كَانَ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَيَنْقُضُ بِهِ عَهْدَهُمْ إلَّا أَنْ يَلْحَقُوا بِدَارِ الْحَرْبِ ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ جَبْرًا كَالدُّيُونِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بَيْعَةً وَلَا كَنِيسَةً ، فَإِنْ أَحْدَثُوهَا هُدِمَتْ عَلَيْهِمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْنُوا مَا اسْتُهْدِمَ مِنْ بِيَعِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ الْعَتِيقَةِ وَإِذَا نَقَضَ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَهْدَهُمْ لَمْ يُسْتَبَحْ بِذَلِكَ قَتْلُهُمْ وَلَا غُنْمُ أَمْوَالِهِمْ وَلَا سَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ مَا لَمْ يُقَاتِلُوا وَوَجَبَ إخْرَاجُهُمْ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ آمِنِينَ حَتَّى يَلْحَقُوا مَأْمَنَهُمْ مِنْ أَدْنَى بِلَادِ الشِّرْكِ ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا طَوْعًا أُخْرِجُوا كَرْهًا . وَأَمَّا الْخَرَاجُ ؛ فَهُوَ مَا وُضِعَ عَلَى رِقَابِ الْأَرْضِ مِنْ حُقُوقٍ تُؤَدَّى عَنْهَا وَفِيهِ مِنْ نَصِّ الْكِتَابِ بَيِّنَةٌ خَالَفَتْ نَصَّ الْجِزْيَةِ فَلِذَلِكَ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : * ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ ) * .وَفِي قَوْلِهِ * ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا ) * وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا أَجْرًا .وَالثَّانِي نَفْعًا وَفِي قَوْلِهِ * ( فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ ) * وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا فَرِزْقُ رَبِّكَ فِي الدُّنْيَا خَيْرٌ مِنْهُ وَهَذَا قَوْلُ الْكَلْبِيِّ وَالثَّانِي فَأَجْرُ رَبِّكَ فِي الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِنْهُ ، وَهَذَا قَوْلُ الْكَلْبِيِّ أَيْضًا وَقَوْلُهُ فَأَجْرُ رَبِّكَ فِي الْآخِرَةِ خَيْرٌ مِنْهُ ؛ هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ أَيْضًا قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ : وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَرْجِ وَالْخَرَاجِ أَنَّ الْخَرْجَ مِنْ الرِّقَابِ وَالْخَرَاجَ مِنْ الْأَرْضِ ، وَالْخَرَاجُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ اسْمٌ لِلْكِرَاءِ وَالْغَلَّةِ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : * ( الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ ) * .