" . . . واتبعوا الجنائز تذكركم الآخرة " . أقول : إن تشييعها على تلك الصورة مما يفوت على الناس هذه الغاية الشريفة تفويتا كاملا أو دون ذلك ، فإنه ممالا يخفى على البصير أن حمل الميت على الأعناق ، ورؤية المشيعين لها وهي على رؤوسهم ، أبلغ في تحقيق التذكر والاتعاظ من تشييعها على الصورة المذكورة ، ولا أكون مبالغا إذا قلت : إن الذي حمل الأوربيين عليها إنما هو خوفهم من الموت وكل ما يذكر به ، بسبب تغلب المادة عليهم ، وكفرهم بالآخرة ! الرابع : أنها سبب قوي لتقليل المشيعين لها والراغبين في الحصول على الاجر الذي سبق ذكره في المسألة ( 45 ) من هذا الفصل ، ذلك لأنه لا يستطيع كل أحد أن يستأجر سيارة ليشيعها " الخامس : أن هذه الصورة لا تتفق من قريب ولامن بعيد مع ما عرف عن الشريعة المطهرة السمحة من البعد عن الشكليات والرسميات ، لا سيما في مثل هذا الامر الخطير : الموت ! والحق أقول : إنه لو لم يكن في هذه البدعة إلا هذه المخالفة ، لكفى ذلك في ردها فكيف إذا انضم إليها ما سبق بيانه من المخالفات والمفاسد وغير ذلك مما لا أذكره ! 55 - والقيام لها منسوخ ، وهو على نوعين : أ - قيام الجالس إذا مرت به . ب - وقيام المشيع لها عند انتهائها إلى القبر حتى توضع على الأرض . والدليل على ذلك حديث علي رضي الله عنه ، وله ألفاظ : الأول : " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم للجنازة فقمنا ، ثم جلس فجلسنا " . أخرجه مسلم ( 3 / 59 ) وابن ماجة ( 1 / 468 ) والطحاوي ( 1 / 383 ) والطيالسي ( 150 ) وأحمد رقم ( 631 ، 1094 ، 1167 ) . الثاني : " كان يقوم في الجنائز ، ثم جلس بعد " . رواه مالك ( 1 / 332 ) وعنه الشافعي في " الام " ( 1 / 247 ) وأبو داود ( 2 / 64 ) . الثالث : من طريق واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال :