نام کتاب : أحكام الجنائز نویسنده : محمد ناصر الألباني جلد : 1 صفحه : 227
قلت : ومما يشهد لكون النفي هنا بمعنى النهي رواية لمسلم في الحديث الثاني : ( لا تشدوا ) . ثم قال الحافظ : ( قوله : ( إلا إلى ثلاثة مساجد ) ، الاستثناء مفرغ ، والتقدير لا تشد الرحال إلى موضع ، ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها ، لان المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام ، ولكن يمكن أن يكون المراد بالعموم هنا المخصوص ، وهو المسجد ) . قلت : وهذا الاحتمال ضعيف ، والصواب التقدير الأول . لما تقدم في حديث أبي بصرة وابن عمر من إنكار السفر إلى الطور . ويأتي بيانه ، ثم قال الحافظ : ( وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ، ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء ، ولان الأول ، قبلة الناس ، وإليه حجهم ، والثاني كان قبلة الأمم السالفة ، والثالث أسس على التقوى . ( قال : ) واختلف في شد الرحال إلى غيرها كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياء وأمواتا ، وإلى المواضع الفاضلة ، لقصد التبرك بها ، والصلاة فيها ، فقال الشيخ أبو محمد الجويني [1] ( يحرم شد الرحال إلى غيرها عملا بظاهر الحديث ) ، وأشار القاضي حسين إلى اختياره ، وبه قال عياض وطائفة ، ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار أبي بصرة الغفاري على أبي هريرة خروجه إلى الطور ، وقال له : ( لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت ) ، واستدل بهذا الحديث ، فدل على أنه يرى حمل الحديث على عمومه ، ووافقه أبو هريرة . والصحيح عند إمام الحرمين وغيره من الشافعية أنه لا يحرم ، وأجابوا عن الحديث بأجوبة : 1 - منها أن المراد أن الفضيلة التامة إنما هي شد الرحال إلى هذه المساجد بخلاف غيرها فإنه جائز ، وقد وقع في رواية لأحمد سيأتي ذكرها بلفظ : ( لا ينبغي للمطي أن تعمل ) وهو لفظ ظاهر في غير التحريم .
[1] هو عبد الله بن يوسف شيخ الشافعية ووالد إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله ، كان إماما في التفسير والفقه والأدب . مات سنة ( 438 ) .
227
نام کتاب : أحكام الجنائز نویسنده : محمد ناصر الألباني جلد : 1 صفحه : 227