وهو حجة عند الشافعي - رحمه اللَّه - في كلّ أمر نفيا كان أو إثباتا ثبت وجوده : أى تحققه بدليل شرعي ، ثمَّ وقع الشكّ في بقائه : أي لم يقطع ظن بعدمه وعندنا حجة للدفع لا للإثبات ( له ) إن بقاء الشرائع بالاستصحاب ، ولأنه إذا تيقن الوضوء ، ثمَّ شك في الحدث يحكم بالوضوء وفي العكس بالحدث ، وإذا شهد أنه كان ملكا للمدعي ، فإنه حجة ( ولنا ) أن الدليل الموجب لا يدل على البقاء وهذا ظاهر . فبقاء الشرائع بعد وفاته صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ليس بالاستصحاب ، بل لأنه لا نسخ لشريعته ، والوضوء وكذا البيع والنكاح ونحوها يوجب حكما ممتدّا إلى زمان ظهور مناقض فيكون البقاء للدليل ، وكلامنا فيما لا دليل على البقاء كحياة المفقود فيرث عنده لا عندنا ، لأن الإرث من باب الإثبات ، فلا يثبت به ولا يورث فيه ، لأن عدم الإرث من باب الدفع فيثبت به ، وتفصيل هذا في كتب « الأصول » وعرفه به الإسنوى بقوله : الاستصحاب عبارة عن الحكم بثبوت أمر في الزمن الآتي بناء على ثبوته في الزمن الأول ، ومثاله أن المتوضئ بيقين يبقى على وضوئه وإن شك في نقض طهارته . قال السمرقندي : هو التمسك بالحكم الثابت في حالة البقاء مأخوذ من المصاحبة ، وهو ملازمة ذلك الحكم ما لم يوجد دليل مغير . قال الأشقر : هو استدامة نفى ما كان منفيّا حتى يثبته دليل صحيح ، واستدامة إثبات ما كان ثابتا حتى ينتفي بدليل صحيح . والاستصحاب آخر الأدلَّة ، لأنه لا يستعمل إلا عند عدم وجود دليل غيره . والاستصحاب دليل عقلي يعمل به في الشرعيات وغيرها