مستقرين حولها وحينئذ فلا إشكال في أنه ليس لمن سبق إلى شئ منها حق منع الغير عما فضل من استفادته ، إذ ليس له إلا حق السبق في الاستفادة فقط . وإما أنها كانت من الاملاك الشخصية أو ما هي بحكمها ، وحينئذ فقد يتوهم أنه لا إشكال في عدم استحقاق الغير الاستفادة من فضل مائها ، وانعقاد الضرورة على ذلك ، ولكن الذي يتضح بملاحظة كلمات الفريقين والمشهور بين المتقدمين إن للغير حق الشرب منها لنفسه ولماشيته ، وكون القول بعدم ثبوت هذا الحق له واستحباب البذل للمالك شاذا بين القدماء . قال الشيخ في الخلاف [1] : ( إذا ملك البئر بالاحياء وخرج ماؤها فهو أحق بمائها من غيره بقدر حاجته وحاجة ماشيته ، وما يفضل عن ذلك يجب عليه بذله لغيره لحاجته إليه للشرب له أو لماشيته ، ولا يجب عليه بذله لسقي زرعه بل يستحب له ذلك ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو عبيد بن خربوز يستحب له ذلك لسقي غيره وسقي مواشيه وسقي زرعه ، ولا يجب على حال ، ومن الناس من قال يجب عليه بذله بلا عوض لشرب الماشية ولسقي الزرع ، ومنهم من قال يجب عليه بالعوض ، فأما بلا عوض فلا ، ثم ذكر في الاستدلال على مختاره ثلاث روايات جميعها من طرق العامة ، ويشبه كلامه هنا كلامه في المبسوط . وفي المختلف [2] بعد نقل كلام الشيخ ما لفظه ( وبه قال ابن الجنيد والوجه : الاستحباب في الجميع وبه قال ابن البراج ، إذ لا يجب على الانسان بذل ماله لغيره ) ثم ذكر ما استدل به الشيخ وناقش فيه ، بأن هذه أحاديث لم تثبت عندنا صحتها ، ولو ثبتت حملت على الكراهة .
[1] الخلاف 2 / 129 132 . [2] مختلف الشيعة 2 / 15 .