فيمكن أن يقال إن أدلة حرمة الاضرار كمقطع ( لا ضرار ) مقدمة على اطلاق دليل السلطنة وإن كان بينهما عموم من وجه ، لان الاضرار من العناوين الثانوية وما يدل على الحرمة بالعنوان الثانوي مقدم على ما يدل على الجواز بالعنوان الأولي . ولكن قد يمنع من صحة التمسك به في المقام بأحد تقريرين : التقرير الأول : إنه فيما إذا كان ترك الاضرار بالغير ضررا على المالك يكون قوله ( لا ضرر ) حاكما على دليل حرمة الاضرار ، لأنه متقدم بالحكومة التضييقية على كل حكم ولو كان حكما بالعنوان الثانوي . ويمكن الجواب عنه بوجهين : أحدهما : أنه لا يعقل حكومة ( لا ضرر ) على ( لا ضرار ) من جهة ان معنى حكومته عليه حلية الاضرار وارتفاع الحرمة وحيث إن كلا من الحرمة وانتفائها ضرري ، فإن في وجود الحرمة ضررا على المالك وفي انتفائها ضررا على الجار ، وقد سبق إن ( لا ضرر ) كما أنه حاكم على الأحكام الوجودية فكذلك هو حاكم على الأحكام العدمية ، فيستحيل حكومته عليهما لأنه يلزم منه ارتفاع النقيضين وحكومته على أحدهما ترجيح بلا مرجح . وثانيهما : أن في قضية سمرة بن جندب لوحظ أولا ( لا ضرر ) الدال على نفي استحقاق دخول سمرة في دار الأنصاري بلا استئذان وعدم ترتب ذلك على حق الاستطراق ، ثم رتب عليه حرمية الاضرار بعد تحقق صغراها - بملاحظة إن الدخول بغير استئذان من غير حق إضرار بحق الأنصاري - وعليه ف ( لا ضرار ) في الرتبة المتأخرة عن ( لا ضرر ) فلا يكون حاكما عليه لكن في هذا الوجه تأمل . التقرير الثاني : ما يظهر من كلام السيد الأستاذ ( قده ) من عدم اطلاق