وقد ذهب هؤلاء إلى حكومة ( لا ضرر ) بهذا المعنى على أدلة الأحكام وذلك لان الحكومة على قسمين : الأول : ما يكون ناظرا إلى عقد الوضع منه ك ( لا ربا بين الوالد والولد ) بالنسبة إلى دليل حرمة الربا وفساده . الثاني : ما يكون ناظرا إلى عقد الحمل - وهو الحكم - ك ( وجوب الاكرام لا يثبت لزيد العالم ) . ودليل ( لا حرج ) و ( لا ضرر ) بالنسبة إلى أدلة الأحكام المثبتة للتكاليف من قبيل القسم الثاني لأنها توجب تصرفا في الحكم وتقضي باختصاص الأحكام بغير الموارد الحرجية أو الضررية ، لكن لا بلسان ( إن المتضرر ليس بمكلف ) أو ( إن الوضوء الضرري مثلا ليس بوضوء ) حتى يكون رفعا لموضوع تلك الأحكام ، ولا بلسان إنه لا يجب الوضوء على المتضرر - حتى يرجع إلى التخصيص - بل بلسان إن الأحكام الثابتة في الشريعة ليست بضررية ولا حرجية . وهذا غير تام لان مبناه على إن معيار الحكومة هو النظر إلى دليل آخر . وقد سبق أن أوضحنا إن عنصر النظر لا يصلح مناطا للحكومة لعدم اطراده في مواردها وعدم مقوميته لها . وإنما مناطه أن يكون لسان الدليل المحدد للعام لسان مسالمة مع العام بأن لا ينفي ما يثبته العام أو يثبت ما ينفيه صريحا بل يفيد ذلك بأسلوب التنزيل والكناية . وعلى هذا المبنى لا تصدق الحكومة مع تعرض الدليل المحدد لعقد الحمل في الدليل الآخر حقيقة - كما في مثال ( لا ضرر ) على هذا المسلك - لأن النفي حينئذ منصب على الحكم مباشرة فيكون لسانه حينئذ لسان المعارضة مع العام كما هو شأن التخصيص . نعم إذا كان نفي الحكم نفيا تنزيليا كما في ( رفع ما لا يعلمون ) كان ذلك من قبيل الحكومة الظاهرية كما مر ذلك في الجهة الثانية وهو غير مراد