الشرعي لتلك الجهة يوجب انتفاء الضرر على نحو الورود . الأمر الثاني : إن قسما من الأحكام المذكورة لا يوجب ضررا في الحقيقة وإنما يرجع إلى عدم النفع أو تحديده ، وبين الضرر وعدم النفع فرق واضح ، فإن الضرر هو انتقاص الشئ الموجود ، وعدم النفع إنما هو عدم تحقق الزيادة عليه ، فتوهم صدق الضرر في ذلك من قبيل توهم صدقه على الحكم بعدم تملك الربا - وهو المقدار الزائد في المعاملة الربوية - . وأظهر موارد هذا القسم تشريع الخمس والزكاة . 1 - أما تشريع الخمس من الغنيمة بمعناها الأعم - وهو الظفر بالمال بلا عوض مادي - فإنه تحديد لنفع المغتنم لا إضرار به ، لان اعتبار الشارع الاغتنام سببا للملكية يرجع إلى توفير نفع للمغتنم ، فإذا فرضنا إن الشارع قد اعترف أولا بكون الاغتنام سببا لملكية جميع الغنيمة كان إيجاب دفع خمسه بعد ذلك تنقيصا لماله وضررا به . وأما إذا لم يعترف منذ البدء بكون الاغتنام سببا للملكية إلا بالنسبة إلى أربعة أخماس الغنيمة - فلا يكون إيجاب دفع الخمس إلى من فرضه الشارع له ضررا بالمغتنم لأنه لم يملكه أصلا . ولتوضيح ذلك نتعرض لبعض موارد الخمس في الغنيمة : منها : الغنيمة القتالية وهي التي يسيطر عليها المقاتلون المسلمون في قتال الكفار ، فقد جعل الشارع أخذها سببا للملكية ، إمضاء لقانون الإغارة الذي كان قبل الاسلام على أن يقسم بين المقاتلين ومن بحكمهم ، واستثنى من ذلك الخمس على أن يكون للعناوين الخاصة ، ولو أنه لم يجعل شيئا للمغتنم ، لم يكن ذلك ضررا عليه أصلا فضلا عن استثناء الخمس ، لعدم حق لهم لولا الجعل الشرعي أصلا . وربما كان استثناء الخمس بعنوان إنه حق الرئاسة كما كان هذا الحق متعارفا في الجاهلية أيضا حيث كان ربع الغنيمة التي يحصلون عليها بالإغارة لرئيس القبيلة أو العشيرة ويسمى