فتلخص مما ذكرنا ان الطهارات الثلاث كلها أو بعضها خارجة عن تحت القاعدة ولكن يبقى الكلام في وجه خروجها مع أنه لا يرى اى تفاوت بينها وبين سائر المركبات الشرعية ، كالصلاة والحج وغيرهما في بدء النظر . فهل هو تعبد محض ؟ أو يوجد هناك فارق بينها وبين غيرها ؟ اختار كل منهم مذهبا : فقال المحقق النائيني ( قده ) ان خروجها انما هو بالتخصص لما مر غير مرة من أن العمومات على مختاره لا تدل الا على قاعدة الفراغ بالنسبة إلى مجموع العمل ، وانه لا دلالة لها بالنسبة إلى الاجزاء ، وان الأخبار الواردة في حكم التجاوز عن أجزاء الصلاة حاكمة عليها وتدل على تنزيل اجزاء الصلاة منزلة الاعمال المستقلة التامة ، وحيث إن الدليل الحاكم مختص بباب اجزاء الصلاة يبقى غيرها خارجا بحكم الأصل . ( انتهى ) . وقد عرفت فساد هذا المبنى وان أدلة القاعدة عامة ، شاملة للاجزاء والكل ، وان سياق اخبار التجاوز الواردة في اجزاء الصلاة سياق غيرها من العمومات ، فلا دلالة فيها على التنزيل والحكومة ، بل الجميع يشير إلى معنى واحد ، فلا يفهم العرف من بعضها شيئا وراء ما يفهم من غيره . وقال شيخنا العلامة الأنصاري ( قده ) ان خروج أجزاء أفعال الوضوء وشبهها من حكم قاعدة التجاوز انما هو من باب التخصيص فان الوضوء في نظر الشارع فعل واحد ؛ باعتبار وحدة مسببه ، فإنه يطلب منه أمر واحد غير قابل للتبعيض ، وهو الطهارة ، فلا يلاحظ كل فعل منه شيئا برأسه ، قال وبذلك يرتفع التعارض بين رواية ابن أبي يعفور ( وهي قوله : إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكك ليس بشيء إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجز ) الدالة على الاعتناء بالشك في أثناء الوضوء ، وبين الأخبار السابقة الدالة على عدم الاعتناء بمثل هذا الشك . وكذلك يرتفع التنافي المترائي بين صدر هذا الحديث وذيله ، فإذا كان الوضوء