قد اشتهر بين الأصحاب - لا سيما المتأخرين منهم - الاستدلال بهذه القاعدة في كثير من الموارد ؛ لنفى كثير من التكاليف التي تستلزم العسر والحرج ، يتراءى هذا منهم في غير واحد من أبواب العبادات ، مثل أبواب الوضوء والغسل والتيمم والصلاة والصيام وغيرها ، ولم أر من تعرض لها مستقلا وأفرد لها بحثا يختص بها ، غير « العلامة النراقي » في عوائده حيث أفرد لها « عائدة » وبحث عنها بحثا بين الاجمال والتفصيل . ولكن موقف القاعدة من الفقه وشدة ابتلاء الفقيه بها في كثير من أبوابه توجب البحث عنها وعن مداركها وفروعها في جميع جوانبها ونواحيها ؛ بما يعطى الفقيه بصيرة ومعرفة بحال الفروع الكثيرة المبنية عليها ، وقد بلغ عدم الاعتناء بشأن هذه القاعدة المهمة وما يليق بها من البحث حدا أوجب الترديد في أصلها فضلا عن الفروع المتفرعة عليها ؛ وقد رأيت من ينكر وجود مدرك صحيح للقاعدة فيما بأيدينا من الأدلة ، مع ما ستعرف من وفور مداركها وكثرة أدلتها . ولهذا ولغيره من المزايا التي تشتمل عليها هذه القاعدة - ولا سيما سعة دائرتها وشمولها لجل أبواب الفقه كما ستعرف - كان اللازم تقديم البحث عنها على غيرها من القواعد التي نبحث عنها فيما يلي إنشاء اللَّه ، فنقول - ومنه سبحانه نستمد التوفيق والهداية - ان البحث عنها يقع في مقامات ثلاثة : الأول - في مداركها التي ظفر نابها . الثاني - في مفادها ومغزاها ونسبتها مع غيرها من الأدلة .