نام کتاب : القواعد الفقهية نویسنده : السيد البجنوردي جلد : 1 صفحه : 192
وجوده وجود سببه ، بل هو مسبب من الاستظهار من هذه الأدلة ، فلا بد وأن يراجع الفقيه إلى نفس هذه الأدلة وأنها هل تدل على هذه القاعدة أم لا ؟ الرابع : مناسبة الحكم والموضوع ، بمعنى أن شرف الإسلام وعزته مقتض بل علة تامة لأن لا يجعل في أحكامه وشرائعه ما يوجب ذل المسلم وهوانه ، وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ) [1] فكيف يمكن أن يجعل الله حكما ويشرعه يكون سببا لعلو الكفار على المسلمين ، ويلزم المسلم على الامتثال بذلك الحكم ؟ فيكون الكفار هم الأعزة ، ويكون المسلمون هم الأذلة الصاغرون ، مع أنه تبارك وتعالى حصر العزة لنفسه ، ولرسوله ، وللمؤمنين في الآية الشريفة التي تقدم ذكرها . والإنصاف أن الفقيه يقطع بعد التأمل فيما ذكرناه بعدم إمكان جعل مثل ذلك الحكم الذي يكون سببا لهوان المسلم وذله بالنسبة إلى الكافر الذي لا احترام له ، وهو كالأنعام بل أضل سبيلا . وليس هذا الكلام من باب استخراج الحكم الشرعي بالظن والتخمين كي يكون مشمولا للأدلة الناهية عن العمل بالظن والقول بغير علم والافتراء على الله ، بل هو من قبيل تنقيح المناط القطعي بل يكون استظهارا من الأدلة اللفظية القطعية كما تقدم شرحه . وعندي أن هذا الوجه أحسن الوجوه للاستدلال على هذه القاعدة ، لأنه مما يركن النفس إليه ويطمئن الفقيه به . نعم ربما يكون هناك مصلحة أهم للإسلام أو المسلمين يكون سببا لجعل حكم يكون موجبا لعلو الكافر على المسلم في بعض الأحيان ، كما أنه ربما يجعل حكما يكون موجبا لافناء جماعة من المسلمين ، كما في مورد تترس الكفار بالمسلمين ، والمسألة مذكورة في كتاب الجهاد مشروحا مفصلا ، وسنذكر إن شاء الله تعالى بعض موارد الاستثناء عن هذه القاعدة لمصلحة وملاك أهم .