نام کتاب : العناوين الفقهية نویسنده : الحسيني المراغي جلد : 1 صفحه : 536
ولتفصيل الكلام في إثبات التكليف بالواقع وعدم مانعية الجهل والاضطرار عنه محل آخر ، والغرض الإشارة إلى المدرك إجمالا ، فما أتى به عالما بأنه المأمور به شئ وما هو في الواقع شئ آخر ، ولا مانع من اجتماعهما بأمرين . وأما القول بتساوي احتمال الخطأ في المقامين ، فنقول : المفروض حصول القطع في نظر المكلف بخطأه في الأول ، ولا يحتمل الخلاف بالنظر إلى الثاني ، وإلا لم يكن علما في نظره ، إذ احتمال الجهل المركب يمنع من كون الاعتقاد علما في خصوص الواقعة ، والمعيار إنما هو نظر المكلف نفسه ، ومجرد احتمال الخطأ في العلم والقطع مطلقا في نظرنا لا ينفع في ذلك . وبالجملة : فالمكلف القاطع بمخالفة عمله [1] السابق للواقع قاطع بفوت الواقع عنه ، فيشمله عموم أدلة الفوات على حسب ما يزعمه ، وهو الحجة ، واحتمال خطائه في هذا القطع أيضا إنما هو في نظرنا لا في نظره ، وهو لا مدخل له في تكليفه ، إذ هو مكلف بالقضاء متى ما علم الفوت . فإن قلت : دليل القضاء إنما قضى بوجوبه مع الفوت الواقعي - كما هو ظاهر اللفظ - وهو غير ثابت ، لاحتمال إصابة ما أتى به أولا الواقع ، لتساوي العلمين بالنسبة إلى احتمال الخطاء . قلت : ليس الميزان في معرفة الفوت الواقعي نظر الفقيه والمفتي . وبعبارة أخرى : لا يشترط في الفتوى بالقضاء كون المفتي عالما بأن هذا المكلف فات عنه العمل واقعا ، وإنما هو راجع إلى نفس المكلف ، وهو في الفرض عالم بأنه فات عنه الواقع ، فنحكم عليه بوجوب القضاء ، لأنه يعلم الفوات ، وإن كنا نحن إذا لاحظنا العلمين المتعاقبين على ذلك المكلف ليس احتمال الخطاء في الأول أولى من احتماله في الثاني ، وذلك واضح . مضافا إلى أن صدق دليل الفوات يغني عن ذلك كله ، وهو معلوم من العرف ،