نام کتاب : العناوين الفقهية نویسنده : الحسيني المراغي جلد : 1 صفحه : 291
للعبيد [1] وما كان الله ليظلمهم [2] . وليس ما تخيل من كونه من باب العسر والحرج إلا كما يتخيل [3] من كونه من باب الظلم في أشياء لا يدركه عقول الأكثر ، ولا ينال سره إلا البالغون مرتبة الاطمئنان والعقل الكامل . ولا يلزم من مجرد ورود النقض - الذي لا يقدر على حله النظر - إخراج الظواهر المقاربة للقطع بل القطعية عن معناها وارتكاب مثل هذا التكلف الذي لا يخفى على المنصف غرابته ، والمصير إلى أن ما ثبت مما ظاهره الحرج ليس من ذلك الباب ، بل هو كاشف عن الخروج عن الموضوع وإن كنا لم نعرف وجهه أوضح من ذلك ، مع أنا نبين الوجه في ذلك إن شاء الله تعالى . والذي أوجب الاضطراب في هذا الباب أمران : أحدهما : أنا نرى التكاليف الشاقة والأحكام الصعبة واردة في الشرع ، وأهل العرف يعدونه عسرا وحرجا وضيقا ، كالصوم في اليوم الحار الطويل ، والحج ، والجهاد ، ولزوم الثبات في مقابلة الكفار ، وحرمة الفرار ، والتوضؤ بالماء البارد الشتاء وفي السفر ، ومجاهدة النفس ، والسعي في طلب العلم في البلاد البعيدة ، وعدم الخوف من لومة لائم في بيان أحكام الله وإجراء حدوده ، والجهاد في سبيله ، ونظائر ذلك . وثانيهما : أن الشارع لم يرض في بعض الأمور الجزئية والتكاليف السهلة بالارتكاب ، وورد في النصوص الاستدلال في نفيها بأدلة العسر والحرج ، فكيف يكون أمثال ما مر في الأخبار عسرا وحرجا ، ولا يكون ما ثبت من الأمور المتقدمة - التي هي أصعب منها بمراتب - عسرا وحرجا ؟ ومن هذين الأمرين تولد الأشكال من وجهين :