نام کتاب : العناوين الفقهية نویسنده : الحسيني المراغي جلد : 1 صفحه : 289
التكليف بالحرج والضيق ، فإنه من دواعي المخالفة وأسبابها ، ومحال على الحكيم صدور شئ مفض إلى العصيان منه . وإن شئت توضيح ذلك ، فانظر إلى طريقة العقلاء في مقام التربية ، فإن الإرشاد إلى الحسن والقبح والأمر والنهي من لوازم التربية ، ولا يتحقق بدونهما [1] مع أنه لو أمر آمر بأمر مستعصب أو نهى عن شئ يعسر اجتنابه للمأمور جدا فخالف لكان العقلاء يذمون الامر ، ويقولون : إن هذا ليس مقتضى اللطف ، بل اللائق أن تأمره بما لا يشكل عليه ، ولا تأمره بما يوجب خذلانه . وبالجملة : فرق بين كون الداعي مجرد نقص النفس والتمرد عن الإطاعة - أعاذنا الله منه - وبين كون ما يصدر عن الامر له مدخلية في ذلك ، لا في تحقق موضوعه ، بل في صدوره عن المكلف . ولهذا ، لو اعتذر العبد المخالف - حينئذ - عند الناس بأن التكليف - مثلا - بكذا وكذا بهذه المشقة هل هو طريقة المولى ؟ وكيف أتحمل أنا هذه المشقة ؟ وكيف السبيل في ذلك غير المخالفة ؟ يقبله العقلاء ويخطئون المولى ، وذلك واضح . ويدل على ذلك أيضا ما نطقت به كلمة أصحابنا في الاستدلال بأن العسر والحرج منفي ، ولا يشير أحد منهم إلى جواز التخصيص بقوله : ( إلا ما خرج بالدليل ) مع أن طريقتهم في العمومات الجارية مجرى القاعدة يذكرون مثل ذلك ، ولم أجد إلى الان في كلامهم يذكرون هذا الدليل في مقام ويقولون : ( خرج ما خرج بالدليل وبقي الباقي ) بل ظاهرهم أن ما ثبت ليس من هذا الباب ، وإنما نشأ ذلك من بعض المتأخرين بعد ما عجزوا عن حل بعض ما يرد عليهم ، كما يأتي بعد ذلك . مضافا إلى قوله عليه السلام : ( دين محمد حنيف ) [2] وقوله صلى الله عليه وآله : ( بعثت بالحنيفية السهلة السمحة ) [3] .
[1] كذا ، والمناسب : ولا تتحقق بدونها . [2] الوسائل 3 : 285 ، الباب 23 من أبواب لباس المصلي ، ح 1 . [3] أمالي الطوسي 2 : 141 ، عوالي اللآلي 1 : 381 / 3 ، وفيهما : ( بعثت بالحنيفية السمحة ) نعم في نهاية ابن الأثير ( مادة - حنف ) زيادة : السهلة .
289
نام کتاب : العناوين الفقهية نویسنده : الحسيني المراغي جلد : 1 صفحه : 289