نام کتاب : العناوين الفقهية نویسنده : الحسيني المراغي جلد : 1 صفحه : 288
يحصل له من الوسع ما يقدر على ارتكاب ما فوقه من دون ضيق ، ثم يأمره بما فوقه ، وهكذا . والحاصل : لا نشك في أن التكليف بالأمور الصعاب الشداد التي لا تتحمل غالبا لمن يريد التربية والتكميل وليس مشوبا بغرض نفساني وتشه اقتراحي غير مستحسن عند العقل ، والأمور القهرية لا مدخل لها في ذلك ، سيما مع انحصار العلاج فيه ، مع ما فيه من كلام آخر ستسمعه بعد ذلك إن شاء الله تعالى . ثم قال : وأما إيجاب ذلك كثرة المخالفة فهو غير مناف للطف ، فإنه نقص من جانب المكلف ، ولو أوجب ذلك عدم التكليف لزم أن يكون مقتضى اللطف عدم التكليف ، لإيجابه المخالفة ، ولا فرق فيما بين الكثرة والقلة ، مع أنا نرى كثرة المخالفة بحيث تجاوزت عن الحد ، ولم يوجبها إلا أصل التكليف [1] . قلت : في حل هذا الكلام : أن الفرق بين المقامين في غاية الوضوح ، وهذا ناش من عدم التأمل في طريقة العقلاء وأرباب اللطف . فإنا نقول : نقص المكلف إذا كان داعيا إلى المخالفة لا يفترق الحال فيه بين السهل والصعب ، وقد نرى أن النفس المطيعة تتحمل من المشاق ما لا تتناهى ، والعاصية لا تتحمل - أصلا - أسهل التكاليف وتأبى عن الإطاعة ، وتلك مسألة أخرى . ولا شبهة أن التكليف بما فيه مضيق يكون داعيا إلى المخالفة ، أو يكون سببا لتهور النفس ، والذي نمنعه صدور شئ من صاحب اللطف يكون له مدخلية في المخالفة . وما ذكره من : أنه موجب لارتفاع التكليف ، في غير محله ، إذ موضوع الإطاعة والمخالفة لا يتحقق إلا بخطاب ، ولا يتحقق إعطاء كل أحد ما استحقه بمقتضى اختياره إلا بالتكليف ، فهو من مقدمات وجود أحد الأمرين ، بخلاف