نام کتاب : العناوين الفقهية نویسنده : الحسيني المراغي جلد : 1 صفحه : 287
إلى السعة الأعلى ، كما أن الأب الرؤوف يضيق على ولده بحبسه في المكتب ومنعه عن الأغذية المرغوبة له ، لراحته عند الكبر ، بل يحتجمه ويقطع أعضاءه لدفع الأمراض [1] . قلت : هذا الكلام من ذلك العلام - تبعا لبعض من سبقه - خروج عن محل البحث ، وقياس مع الفارق . وبيان ذلك : أنه فرق بين الأمور القهرية والاختيارية ، فإنا لا نأبى أن يسلط الله على الإنسان المكلف بلايا شديدة صعبة - من مرض ، وكسر عظام ، والسقوط من جدار ، وإهانة ظالم ، ولدغ حية - يكون ذلك كله كفارة لما صدر منه من الذنوب ، أو باعثا لارتفاع درجته في الآخرة كما في المعصومين ، فإن ذلك كله واقع في المكلفين ، ونطقت به الأخبار ، وهذا الذي يقاس بضرب التأديب والاحتجام ونحو ذلك . وأما لو كان الأمر الصعب اختياريا ، مثلا بأن يأمر المولى عبده أو الأب ولده بأمور شاقة وكلفه بارتكابه [2] باختياره ، وهدده بالعقوبة على المخالفة ، ووعده بالثواب على الإطاعة - وكان ذلك الأمر مما لا يتحمل عادة ويشق عليه جدا - فلا ريب أن ذلك مخالف لطريقة العقلاء ، ويعد ذلك من المولى والأب مشوبا بالغرض النفساني ، ويعد هذا خارجا عن اللطف والابتلاء ، بل لا يفعل هذا الفعل إلا من كان يريد العقوبة ويجعل هذا وسيلة إليه ، كما نرى وقوع أمثال ذلك من الامراء والسلاطين ، فإنهم إذا أرادوا عقوبة أحد من خدامهم ومن تحت يدهم ويطلبون وسيلة لذلك يأمرونه بأمور شاقة لا يتحمل مثله لمثلها غالبا وعادة ، فيخالف فيأخذونه بذلك . والله سبحانه أجل من ذلك ! بل العاقل الذي يريد تربية الطفل والمملوك ونحو ذلك يمرنه بأمور سهلة ، حتى لا يكون داعيا إلى المخالفة في أول الأمر ، إلى أن