نام کتاب : العناوين الفقهية نویسنده : الحسيني المراغي جلد : 1 صفحه : 192
في هذه التحديدات ، سيما فيما وردت العلة في ذلك ، كمسألة العدة والاستبراء ونظائرهما فتدبر . ولا ريب أن هذه العلل على ما يتجه في النظر القاصر هو الباعث على هذه الأحكام ، ومع ذلك لا نقول بمقالة مثل العلامة في الحريم والكاشاني في الكر ونظائرهما في غيرهما ، بل نتعبد بالتحديدات وفاقا للأعيان ، نظرا إلى أنا علمنا من الشارع أنه لما رأى أن المكلفين بحسب اختلاف الأمزجة والنفوس يدور أمرهم في الأحكام غالبا بين إفراط وتفريط - والذي يعتدل قواه ويستوي أركانه في ذلك قليل لا تناط الأحكام بمثلهم - جعل الشارع هذه الحدود حسما لمادة التشاجر والتنازع وحفظا للنفوس عن طرفي الوسواس والمسامحة . فإن الشارع - مثلا - لو أناط حريم البئر بعدم الضرر ، فواحد يقول : هذا مضر ، والاخر يقول : هذا غير مضر ، ويصير التنازع ، وواحد يكون محتاطا في دينه لا يمكنه إحداث عمارة من وسوسة نفسه بأن ذلك لعله ضرر . ولو أناط غسل الوجه بالعرف فأهل الوسواس [1] كانوا يدخلون آذانهم ونصفا من رؤوسهم ومع ذلك لا يطمئنون به ، وأهل المسامحة يقتصرون على العينين والأنف والخدين . فدعت الحكمة إلى أن الشارع يلاحظ أحوال الغالب من الأمزجة والنفوس والأبدان والأراضي ، وغير ذلك مما علق عليه الحكم ، ويجعل للموضوع حدا محدودا وإن كان السبب النفس الأمري للحكم قد يوجد بأقل منه ، وقد لا يوجد بذلك الحد ، بل يحتاج إلى الأزيد ، لكنه ألغاها الشارع لعدم الانضباط ، ولاحظ الغالب وحدده بذلك كي لا يتجاوزه المعتدون ولا يقصر فيه المتسامحون ، فصار هذا تعبدا في قاعدة ، كما يوجد في أبواب الفقه قاعدة في تعبد صرف تطرد ولا يعلم وجهها ، والمقام معلوم الوجه واضح القاعدة ، اخذ فيه التعبد بالعرض .
[1] في غير ( م ) : فأهل المحتاج ، ولا يبعد أن يكون مصحف : أهل الاحتياط .
192
نام کتاب : العناوين الفقهية نویسنده : الحسيني المراغي جلد : 1 صفحه : 192