في إيمانه ، لعنة الله عليه ، وعلى أنصاره وأعوانه [1] . ذكر في ( الصواعق ) أن عمر بن عبد العزيز قد ضرب عشرين سوطا لمسمي يزيد أمير المؤمنين ، وقال : وأجاز قوم لعنه ، منهم ابن الجوزي ، ونقله عن أحمد وغيره ، ونقل ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلى بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل قال : قلت لأبي : إن قوما ينسبونا إلى تولي يزيد ؟ ! فقال : يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله ولم لا نعلن من لعنه الله كتابه [2] ؟ ! لا يقال قد نهى الله تعالى عن سوء الظن بقوله " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم " . فإذا كان الظن منهيا عنه فكيف يجوز اللعن ، وهو أكبر منه . نقول : ليس مطلق الظن ممنوعا عنه ، بل ظن السوء بأهل الخير كما قال السيوطي في الجلالين : " إثم " أي مؤثم ، وهو كثير كظن السوء بأهل الخير من المؤمنين وخلافة الفسوق فلا إثم فيه في نحو ما يظهر منهم . وفي شرح البخاري للقسطلاني قال الفراء : هو ظنك بأهل الخير سوء ، وأما أهل الفسق فلسنا نظن فيهم مثل الذي ظهر منهم [3] . وفيه : النهي إنما هو من ظن السوء بالمسلم السالم في دينه وعرضه [4] . وقد قال الله تعالى " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " . ففي هذه الآية إجازة للمظلوم بذكر مساوئ الظالم جهرا وإعلانا إعلاما للمؤمنين ، وإذا أمعنا النظر في الذين ظلموا آل محمد ، وأرادوا إطفاء أنوارهم ، وكتمان أحاديثهم فقد ظلمونا فلنا أن نذكر مساوئهم للتحذير عنهم ، والتنفير منهم ، ونتبرأ منهم ، " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " . لا يخفى أن ( اللعن ) قد ثبت من الله ، وأكابر الأمة على الكفار والمشركين ، وعلى من قتل مؤمنا متعمدا ، وعلى من قذف العفيفة ، وعلى من أفسد في الأرض ، وقطع الأرحام ، وعلى من آذى الله ورسوله ، وعلى من ظلم ، وعلى من زارت القبور ، ومن اتخذت عليها السرج والمساجد ، وعلى أهل الخمر والربا والرشوة ، وعلى من احتكر ، وعلى من يتخلى في الطريق ، أو في الظل ، وعلى المحلل ، وعلى المحللة له ، وعلى من أخاف أهل المدينة ، وعلى من ضار مؤمنا ومكر به ، وعلى من أسخطت زوجها ، وعلى الواشمة والمستوشمة ، وعلى مروان وأبيه الحكم ، وعلى معاوية وابنه يزيد ، وعلى عمرو بن العاص ، وعلى من ترك السنة ، وعلى غير هؤلاء فهل كانوا كلهم كفارا أو مشركين ؟ ! كلا بل كان أكثرهم مسلمين ، فثبت بلا ريب جواز اللعن على من استحقه ، ولو كان مسلما ناقص الإيمان ظالما لنفسه بعصيان الله ورسوله " وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون " . ويؤيد ما قلنا ما روى البخاري في صحيحه : من أخاف مسلما فعليه لعنة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل . قال الحافظ في شرحه : وفيه جواز لعن أهل الفسق