وقال ابن التين : يحتمل أن يكون من منافقين أو من مرتكبي الكبائر ( ثم قال ) : ولا يبعد أن يدخل في ذلك أيضا من كان في زمنه من المنافقين ، ( وسيأتي في حديث الشفاعة ) ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فدل على أنهم يحشرون مع المؤمنين فيعرف أعيانهم . وقد أخرج أبو يعلى بسند حسن أبي سعيد : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فذكر حديثا فقال : يا أيها الناس ، إني فرطكم على الحوض فإذا جئتم . . ، قال رجل : يا رسول الله أنا ( فلان ) بن ( فلان ) ، وقال آخر ( فلان ) بن ( فلان ) ، فأقول : فأما النسب فقد عرفته ، ولعلكم أحدثتم بعدي وارتددتم . ولأحمد ، والبزار نحوه من حديث جابر : ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم فأقول : إنهم مني ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقا سحقا لمن غير بعدي [1] . وفي رواية : على أدبارهم القهقرى . وفيه : زاد فلا أراه يخلص فيهم إلا مثل همل النعم ( يعني إلا قليل ) . وروى الطبراني عن سمرة : أصيحابي أصيحابي [2] . وقد أخرج ابن عساكر ، وابن عبد البر في الإستيعاب وأحمد في المسند ، والطبراني في الكبير ، وأبو النصر السنجري في الإبانة ، وأبو داود الطيالسي ، وعبد بن حميد ، وأبو يعلى والحاكم في المستدرك ، وابن أبي شيبة ، والديلمي ، وغير هؤلاء : أخرج البزار بسند صحيح عن ابن سعيد قال : " ما عدا إن وارينا رسول الله في التراب فأنكرنا قلوبنا " . وبمعناه أخرج ابن سعد ، والحاكم ، والبيهقي عن أنس [3] . وهكذا في الفتح وزاد : يريد أنهم وجدوها تغيرت عما عهدوه في حياته من الألفة ، والصفاء ، والرقة [4] . وفي مسلم عن أبي هريرة ( في حديث طويل في الوضوء ) : وإني لأصد الناس عن ( الحوض ) كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه ، قالوا : يا رسول الله أتعرفنا يومئذ ؟ قال : نعم لكم سيماء ليست لأحد من الأمم تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء [5] . وفيه عنه مرفوعا : ترد علي أمتي الحوض ، وأنا أذود الناس عنه ، ( إلى أن قال ) فأقول : يا رب هؤلاء من أصحابي فيجيبني ملك فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدك ؟ وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي داود في المصاحف ( في حديث طويل ) : فغضب حذيفة ، واحمرت عيناه ثم قام وذلك في زمن عثمان فقال : أما أن تركب يا أمير المؤمنين وأما أن أركب فهكذا كان من قبلكم ، ثم أقبل فجلس فقال : إن الله بعث محمدا فقاتل بمن أقبل من أدبر حتى
[1] المصدر السابق ، ج 6 ، ص 215 . [2] المصدر ، ج 6 ، ص 224 . [3] الخصائص للسيوطي ، ج 2 ، ص 278 . وفي فتح الباري : قال أبو سعيد فيما أخرجه البزار بسند جيد " وما نفضنا أيدينا عن دفنه حتى أنكرنا قلوبنا " . [4] فتح الباري ، ج 4 ، ص 109 . [5] صحيح مسلم ، ج 1 ، ص 126 . والتحجيل هو بياض يكون في قوائم الفرس ، وقد استعير معناه للوضوء في الوجه ، واليدين ، والرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ، ويديه ، ورجليه .