أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى ، رواه ابن النجار [1] . وفيه هكذا : في البخاري عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، قال : لقيت البراء بن عازب فقلت : طوبى لك ، صحبت النبي ( ص ) وبايعته تحت الشجرة . فقال : يا بن أخي ، إنك لا تدري ما أحدثنا بعده [2] . وفي الموطأ لمالك ( باب في فضل الشهداء في سبيل الله ) : مالك عن أبي النضر مولى عمر ابن عبيد الله أنه بلغه أن رسول الله ( ص ) قال لشهداء أحد : هؤلاء اشهد عليهم فقال أبو بكر : يا رسول الله ، ألسنا بإخوانهم ، أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : بلى ولا أدري ما تحدثون بعدي قال : وبكى أبو بكر ، ثم بكى ، ثم قال : أإنا لكائنون بعدك [3] ! أقول : قد رؤي في الموطأ المطبوع يحدثون ( بالياء ) ، لكن في الموطأ الذي صححه العلماء بأمر السلطان المسلم المطبوع على هامش شرحه للقاضي أبي الوليد الباجي الأندلسي المسمى بالمنتقى ، من أعيان الطبقة العاشرة من علماء السادة في مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر ( باب الشهداء في سبيل الله ) : فقال رسول الله : ولكن لا أدري ما تحدثون ( بالتاء ) بعدي ، فبكى أبو بكر ، ثم بكى ، ثم قال أإنا لكائنون بعدك ! قي شرح المنتقى : وقول أبي بكر : ألسنا يا رسول الله بإخوانهم ، أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا . على وجه الاشفاق لما رأى من تخصيصهم بحكم كان يرجو أن يكون حظه منه وافرا ( إلى أن قال ) : فقال ( ص ) : ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي . قال قوم : إن الخطاب وإن كان متوجها إلى أبي بكر فإن المراد به غيره ممن يعلم بمآل حاله وعمله وما يموت عليه ، وأما أبو بكر فقد علم أنه من أهل الجنة ، والنبي شهد له بذلك ( ثم قال ) : قال القاضي أبو الوليد : ويكون على هذا معنى قوله لأبي بكر : بلى ، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي لم يرد به الحدث المتضاد للشريعة ، وإنما أراد به جميع الأعمال الموافقة للشريعة [4] . قال الإمام الواقدي في كتابه المغازي ( باب غزوه أحد ) : وكان طلحة بن عبد الله ، وابن عباس ، وجابر بن عبد الله الأنصاري يقولون : صلى رسول الله ( ص ) على قتلى أحد وقال : أنا على هؤلاء شهيد ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أليسوا إخواننا أسلموا كما أسلمنا ، وجاهدوا كما جاهدنا ، وصلوا كما صلينا ، وصاموا كما صمنا ؟ ! قال : بلى ، ولكن هؤلاء لم يأكلوا من أجورهم شيئا ، ولا أدري ما تحدثون بعدي ، فبكى أبو بكر بكاء شديدا فقال : أإنا لكائنون بعدك . وكذا في جذب القلوب للشيخ الدهلوي : وفي مسلم عن أبي حازم قال : سمعت سهلا يقول : سمعت النبي ( ص ) يقول : أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم . قال أبو حازم : فسمع نعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هذا الحديث ، فقال : سمعت سهلا يقول هذا ؟ قال : فقلت : نعم . قال : وأنا أشهد على
[1] كنز العمال ، ج 1 ، ص 98 . [2] المصدر نفسه ، ج 7 ، ص 221 ، والبخاري ، ج 3 ، ص 30 . [3] الموطأ لمالك ، ص 173 ، 301 . [4] الموطأ طبعة الهند ، وفي طبعة مصر ، ج 3 ، ص 207 .