الفاضلة ) [1] ، وكذلك كثرة التعدد ليست مقتضية للرجحان مطلقا ، فكم من أمر قبل فيه قول من خالف الأكثر إذا كانت مخالفته بالبرهان . ألا ترى إلى حديث " وإذا قرأ فأنصتوا " الذي رواه أبو موسى ، وأبو هريرة ، فإنه روى البيهقي عن ابن معين ، وأبي حاتم ، وأبي داود ، والدارقطني ، وغيرهم تضعيفه ، واختار مسلم ، وابن خزيمة تصحيحه ، فاختار جمع من المحققين قولهما ، وإن كان مخالف للأكثر بناء على كون ما ذكر الكثير في توجيه ضعفه ضعيفا ، وكون ما بني عليه التصحيح قويا . فتصحيح أحد أو تضعيفه لا يخل في القبول إن لم يساعده شاهد من رواية ، أو عدم قبول محدث محقق . وفي ( الأجوبة الفاضلة ) قال النسائي : لا يترك الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه [2] ، وفي ( الإنصاف في سبب الاختلاف ) : إن لله طائفة من عباده لا يضرهم من خذلهم ، وهم حجة الله في أرضه ، وإن قلوا [3] . فثبت أن ( الكثرة ) ليست من أسباب الحق ، وسبق ذكر مراد قولهم ( من السواد الأعظم ) ، وثبت عند المحدثين أيضا أن ( الأحناف ) خالفوا كثيرا كثيرا كما في رفع اليدين عند الركوع مثلا ، فالحق الحقيق بالقبول أن يتبع بالحق المدلل ، ولا يغتر بالكثرة وغيرها ، وقد ذكر أن اجتماع الكل لا يوجد لا في تفسير آية ، ولا على صحة حديث حتى أنهم لم يتفقوا على صحة الصحيحين بالكلية ، كما في ( عون الباري لحل أدلة البخاري ) : إن البخاري عرض كتابه على أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وعلي ابن المدائني فلم يقبلوا أكثر أحاديثه [4] . وعن السيوطي : فكم حديث صحيح على شرط مسلم ، وليس بصحيح على شرط البخاري ، وكذا عكسه . وقال الشافعي : ما أعلم شيئا بعد كتاب الله أصح من موطأ ( مالك ) . وفي عون الباري ، قال ابن الهمام الحنفي في التحرير ، وفتح القدير : كون ما في الصحيحين راجحا على ما روي برجالهما في غيرهما ، أو على ما تحقق فيه من شرطهما تحكم لا يجوز التقليد فيه [5] . وفي تدريب الراوي : استثنى ابن الصلاح من المقطوع بصحته فيهما ما تكلم فيه من أحاديثهما فقال سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني ، وغيره قال شيخ الإسلام ، وعدة ذلك مائتان وعشرون حديثا [6] . قال ابن الصلاح : ومع هذا فقد اشتمل كتاب مسلم على أحاديث اختلفوا في متنها وإسنادها [7] .