الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة [1] . أقول : قد ظهر ظهورا بينا بحيث لا غبار عليه أن عليا ( ع ) استدل بقبول شهادة أهل الجنة ، ولو كانوا أقرباء مع أنه سبحانه وتعالى لم ينه عن الشهادة للأقارب ، كما قال ابن القيم الحنبلي في ( أعلام الموقعين عن رب العالمين ) : وقد ذكر الله سبحانه نصاب الشهادة في القرآن في خمسة مواضع ، فذكر نصاب شهادة الزنا أربعة في سورة النساء ، وسورة النور . وأما في غير الزنا فذكر شهادة الرجلين والرجل والمرأتين في الأموال فقال في آية الدين " واستشهدوا شهيدين " باستشهاد عدلين من المسلمين ، أو آخران من غيرهم ، وغير المؤمنين هم الكفار . والآية صريحة في قبول شهادة الكافرين على وصيته في السفر عند عدم الشاهدين المسلمين وقد حكم النبي ( ص ) والصحابة بعده ولم يجئ بعدها ما ينسخها فإن ( المائدة ) من آخر القرآن نزولا ، وليس فيها منسوخ ، وليس لهذه الآية معارض البتة [2] ، وفيه : قد ثبت في الصحيح عن النبي ( ص ) الحديث في ثبوت الرضاع بشهادة امرأة واحدة وأن كانت أمة [3] . وفيه بل الحق أن الشاهد الواحد إذا ظهر صدقه حكم بشهادته وحده ، وقد أجاز النبي ( ص ) شهادة الشاهد الواحد لأبي قتادة بقتل المشرك ، ودفع إليه سلبه بشهادته وحده ، ولم يحلف أبا قتادة ، فجعله بينة تامة [4] . وفيه : لم يستثن الله سبحانه ، ولا رسوله من ذلك أبا ، ولا ولدا ، ولا أخا ، ولا قرابة ، ولا أجمع المسلمون على استثناء أحد من هؤلاء فتلزم الحجة بإجماعهم . وقد ذكر عبد الرزاق عن أبي بكر بن أبي سيرة عن أبي الزناد عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : قال عمر بن الخطاب : تجوز شهادة الوالد لولده والأخ لأخيه [5] . وبالإسناد عن الزهري : قال لم يكن يتهم سلف المسلمين الصالح في شهادة الوالد لولده ، ولا الولد لوالده ، ولا الأخ لأخيه ، ولا الزوج لامرأته . وفيه : قد دل عليه القرآن " كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين " [6] . وقبول شهادة الطفل الصغير على عصمة يوسف لعصمته ، وشهادة عيسى بن مريم على عصمة مريم في المهد ثابتتان بالقرآن الكريم ، فأي معصوم أفضل من عترة النبي ( ص ) ، وأي سبب بلا توهين العترة الطاهرة راد للشهادة ، والله أعلم . أما هجران فاطمة لأبي بكر فكان مشروعا . كما قال الحافظ في ( الفتح ) تحت قوله ( عليه السلام ) : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال " . قال ابن عبد البر : أجمعوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث إلا لمن خاف من مكالمته ما يفسد عليه دينه ، أو يدخل منه على نفسه ،
[1] تأريخ الخلفاء ، ص 125 . [2] إعلام الموقعين ، ص 32 . [3] المصدر السابق ، ص 34 . [4] أيضا ، ص 36 . [5] أيضا ، ص 41 . [6] أيضا ، ص 42 .