بأن يعجل عشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق ، ووقت المغرب في السفر إلى ثلث الليل ، وروي أيضا إلى تصف الليل [1] . أقول : قد ثبت من تطبيق أحاديث الفريقين أن أفضل الأوقات في الصلوات كلها أولها ، وعند الضرورة يجوز الجمع بين الظهر والعصر تقديما وتأخيرا وبين المغرب والعشاء كذلك وأيضا ثبت اشتراك الوقت في الظهرين والمغربين إلا أن أولهما للأول ، وآخرهما للآخر . تنبيه قد خالفنا في هذه المسألة المعاصرين من إخواننا الشيعة ، وأهل الجماعة بأن أكثر أهل الجماعة قد منعوا من الجمع بين الصلاتين ، ولو كان بعذر ، وتشددوا في المنع للمخالفة المحضة ، وتركوا الأحاديث الصحيحة ، وأن أهل الشيعة اعتادوا الجمع للراحة والغفلة ، وإنهم جمعوها بلا عذر ، وقد جمعوا بحيث ضيعوا الأوقات المستحبة ، وتركوا النوافل ، وقصروا السور ففي كل واحد منهما وقع الإفراط والتفريط فعليهما الإنصاف فإنه خير الأوصاف . وما علينا إلا البلاغ . فصل : في الجمع بين الصلاتين وقد تقدم شئ منه آنفا في الفصل السابق ، والأصل فيه قوله تعالى : " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ، وقرآن الفجر " ، " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل " . قال الفخر الرازي في تفسيره الكبير ، تحت قوله تعالى : " أقم الصلاة لدلوك الشمس " : هذه الآية توهم أن للظهر والعصر وقتا واحدا ، وللمغرب والعشاء وقتا واحدا [2] ، وإن الظهر والعصر يجمعان بعرفة بالاتفاق ، وفي السفر عند الشافعي ، وكذا المغرب والعشاء . وأما صلاة الفجر فهي منفردة في وقت واحد فكان وقت الظهر والعصر وقتا واحدا ، ووقت المغرب والعشاء وقتا واحدا ، ووقت الفجر متوسطا بينهما [3] . وفي حجة الله البالغة لولي الله الدهلوي الحنفي : فكانت أوقات الصلوات في الأصل ثلاثة ، الفجر ، والعشاء ، وغسق الليل ، وهو قوله تعالى : " أتم الصلوات لدلوك الشمس " . وإنما قال إلى غسق الليل لأن صلاة العشاء ممتدة إليه حكما لعدم وجود الفصل ، ولذلك جاز عند الضرورة الجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء فهذا أصل [4] . وفي ( الإكليل ) للسيوطي تحت قوله تعالى : " ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى " . قلت : ظهر من هذه التسوية استنباط أحسن من هذا ، وهو أنه يجوز الجمع بالمرض ، كما يجوز بالمطر لأنه تعالى سوى بينهما .