تذنيب : في بيان ( فدك ) قد أثبتنا أن العمل شريك الإيمان ( كما مر من كنز العمال ) [1] : الإيمان والعمل أخوان شريكان في قرن لا يقبل الله أحدهما إلا بصاحبه فينقصان العمل نقصان الإيمان ، وقد ثبت أن مودة أقرباء النبي ( ص ) واجب وبإغضابهم إغضاب النبي ( ص ) ، وبإغضاب النبي ( ص ) إغضاب الله تعالى ، وهو مستلزم لحبط الأعمال والإيمان . وليس بمستتر أن الخلفاء الثلاثة أغضبوا عترة النبي ( ص ) في ( فدك ) ، فمن أجل ذلك أوردنا ذكرها عقيب ذكر إيمانهم ، والآن نبين التفاصيل بعونه سبحانه . إعلم أن إغضاب أبي بكر فاطمة الزهراء ( صلوات الله عليها ) من غصب ( فدك ) وهجرانها إياه حتى ماتت ، ولم تؤذن له بجنازتها وأن عليا دفنها ليلا ( كما في الفتح ، والتحفة للدهلوي ، وإزالة الخفاء ) [2] . ومن عدة طرق أنها دفنت ليلا ، وكان ذلك بوصية منها من الشهرة التي لا حاجة إلى إثباتها ، وكفاك بها سندا الشيخان ، وأحمد . روى البخاري في صحيحه ( في باب الخمس ) : فغضبت فاطمة بنت رسول الله ( ص ) ، وهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت [3] . وفي صحيح مسلم : فوجدت فاطمة ( ع ) على أبي بكر في ذلك ، قال : فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله ( ص ) ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلى عليها علي [4] . قال ابن قتيبة في ( الإمامة والسياسة ) : قالت فاطمة لأبي بكر وعمر أسخطتماني ، وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبي ( ص ) لأشكو كما إليه ، ( وقد ذكر ) [5] . وفي نهج البلاغة : ومن كلام له ( عليه السلام ) عند دفن سيدة النساء فاطمة ( عليها السلام ) : السلام عليك يا رسول الله ( إلى أن قال ) وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها [6] . وفي استدلال أبي بكر لمنع فاطمة عن ( فدك ) إشكالات : الأول : أن حديث " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " خبر واحد معارض للآيات القرآنية ، أي يوصيكم الله ، " ولكل جعلنا موالي " ، " وآت ذا القربى حقه " . الثاني : قال السيد في كتابه الزهراء ( ناقلا عن العلامة ابن أبي الحديد ) : هذا حديث غريب لأن المشهور أنه لم يرو حديث انتفاء الإرث إلا أبو بكر وحده [7] ، وفيه : واختلفوا في ميراثه ، فما وجدوا عند أحد من ذلك علما ، فقال أبو بكر سمعت رسول الله ( ص ) يقو ل " إنا معاشر الأنبياء " ، أخرجه البغوي ، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات ، وابن عساكر في تأريخه [8] .