نام کتاب : صحيح شرح العقيدة الطحاوية نویسنده : حسن بن علي السقاف جلد : 1 صفحه : 292
بمعنى أن هذه الحروف هي الذات الأزلي الذي نعبده . فصفة الكلام أزلية أبدية لا يجوز أن تكون حروفا ولا أصواتا لأن الحرف والصوت مخلوقان بالمشاهدة ، فكما أن صفاته من العلم والقدرة والإرادة وغيرها أزلية قديمة كذلك كلامه الذاتي أزلي قديم ليس حرفا ولا صوتا ، وذلك لأنه سبحانه مباين أي غير مشابه لجميع الخلق كما أن صفاته لا تشبه صفات المخلوقين وأفعاله لا تشبه أفعال الخلق ، لأن فعل الله سبحانه وتعالى أزلي قديم أبدي والمفعول حادث كما أن القدرة أزلية أبدية والمقدور حادث فنحن العوالم والحوادث كلنا مقدور لله تعالى أوجدنا بقدرته الأزلية الأبدية ، قال الإمام أبو حنيفة والبخاري رحمهما الله تعالى : ( فعله سبحانه صفة له في الأزل والمفعول حادث ) . قال العلامة علي القاري الحنفي في ( شرح الفقه الأكبر ) ص ( 29 ) : ( - المبتدعة - قالوا كلامه حروف وأصوات تقوم بذاته وهو قديم وبالغ بعضهم جهلا حتى قال : الجلد والقرطاس قديمان فضلا عن الصحف ، وهذا قول باطل بالضرورة ومكابرة للحس ، للاحساس بتقدم الباء على السين في بسم الله ونحوه ) انتهى . فاتضح من هذا كله جليا مسألة خلق القرآن وهي أن القرآن إذا أردنا وقصدنا به صفة الله تعالى القديمة فهذا غير مخلوق ومن قال إنه مخلوق كفر ، وإن قصدنا به المصحف الذي بأيدينا الذي نزل به سيدنا جبريل وكذا ألفاظنا وقراءتنا فمخلوق بلا شك ولا ريب لقوله تعالى * ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون ) * ولأن المصحف من ورق وحبر وهما مخلوقان ، ولأن سيدنا جبريل عليه السلام لا يتصور أن يحمل قديما فينقله من مكان إلى مكان ، ولأن قراءة القارئ وصوته حادثان مثله لاستحالة قيام القديم بالحادث ، وهذا مما لا جدال فيه . قلت : وقد وقع الخلاف في هذه المسألة بين جماعة من الأئمة كما بيناه في فصل اختلاف السلف . والصحيح في المسألة ما بيناه هنا .
292
نام کتاب : صحيح شرح العقيدة الطحاوية نویسنده : حسن بن علي السقاف جلد : 1 صفحه : 292