نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 96
فيلزمكم في هذا ما ألزمتموه إيانا من أن الكذب صار حقا وفضيلة قال أبو محمد رضي الله عنه فيقال لهم وبالله التوفيق أما نحن فقولنا أنه ليس كما ذكرتم قبيحا إذ أباحه الله عز وجل الذي لا حسن إلا ما حسن وما أمر به ولا قبيح إلا ما قبح وما نهى عنه ولا آمر فوقه فلا يلزمنا ما أردتم إلزامنا إياه ثم أيضا على أصولكم فإنه ليس ما ذكرتم معارضة ولا ما شبهتم به مشبها لما شبهتموه به لأننا إنما أبحنا الكذب في الوجوه التي ذكرتم للضرورة الدافعة إلى ذلك النص الوارد علينا بذلك كما جاز بالنص عند الضرورة دفع القتل عن النفس بقتل المريد لقتلها ولو أمكننا كف الصبي والمرأة بغير ذلك لما جاز الكذب أصلا فإذا ارتفعت الضرورة وجب الرجوع إلى استعمال الصدق على كل حال ولولا النص لم نبح شيئا من ذلك ولا حرمناه وأنتم فيما تدعونه من مداراة الناس كلهم مبتدئون لاختيار الكذب دون أن يأمركم به من يسقط عنكم اللوم بطاعته فأنتم لا عذر لكم على خلاف حكمنا في ذلك ثم أنكم لا تخلون من أحد وجهين لا ثالث لهما إما أن تطووا هذا السر عن كل أحد فتصيرون إلى ما ألزمناكم من أن قطع الصدق جملة فضيلة وأن الكذب على الجملة حق واجب وهذا هو الذي ألزمناكم ضرورة وإما أن تبوحوا بذلك لمن وثقتم به فهذا إن قلتم به يوجب ضرورة كشف سركم في ذلك لأنه لا يجوز البتة أن ينكتم أصلا على كثرة العارفين به هذا أمر يعلم بالضرورة أن الشئ إذا كثر العارفون به فبالضرورة لا بد من انتشاره فان كنتم تقولون أن طيه واجب إلا عمن يوثق به وفي كشفه إلى من يوثق به ما يوجب انتشاره إلى من لا يوثق به فقد رجعتم إلى وجوب كشفه لأن كشفه البتة هو نتيجة كشفه إلى خاص دون عام وفي كشفه بطلان ما دبرتموه صلاحا فقد بطل حكمكم بالضرورة لا سيما والقائلون بهذا القول مجدون في كشف سرهم هذا إلى الخاص والعام فقد أبطلوا علتهم جملة وتناقضوا أقبح تناقض وعلى كل ذلك فقد صار الباطل والكذب لا يتم الخير والفضائل البتة في شئ من الأشياء إلا بهما وهذا خلاف
96
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 96