نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 162
هارون لا تغضب سيدي فإنك تعرف رأي هذه الأمة في الشر قالوا لي اعمل لنا إلها يتقدمنا لأننا نجهل ما أصاب موسى الذي أخرجنا من مصر فقلت لهم من كان عنده منكم ذهب فليقبل به إلي وألقيته في النار وخرج لهم منه هذا العجل فلما رأى موسى القوم قد تعروا وكان هارون قد عراهم بجهالة قلبه وصيرهم بين يدي أعدائهم عراة قال أبو محمد رضي الله عنه هذا الفصل عفا على ما قبله وطم عليه أن يكون هارون وهو نبي مرسل يتعمد أن يعمل لقومه إلها يعبدونه من دون الله عز وجل وينادي عليه غدا عيد السيد ويبني للعجل مذبحا ويساعدهم على تقريب القربان للعجل ثم يجردهم ويكشف أستاههم للرقص وللغناء أمام العجل إلا أن تكون أحق أستاه كشفت إن هذا لعجب نبي مرسل كافر مشرك يعمل لقومه إلها من دون الله أو يكون العجل ظهر من غير أن يتعمد هارون عمله فهذه والله معجزة كمعجزات موسى ولا فرق إلا أن هذا هو الضلال والتلبيس والإشكال والتدليس المبعد عن الله تعالى إذ لو كان هذا لما كان موسى أولى بالتصديق من عابد العجل الملعون أترى بعد استخفاف النذل الذي عمل لهم هذه الخرافة بالأنبياء عليهم السلام استخفافا حاش لله من هذا أو ترون بعد حمق من يؤمن بأن هذا من عند موسى رسول الله وكليمه عن الله تعالى حمقا نحمد الله على العافية أين هذا الهوس البارد والكذب المفتري من نور الحق الذي يشهد له العقل بالصحة الذي جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل حقا إذ يقول في هذه القصة نفسها ما لا يمكن سواه « واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين » وقوله عز وجل « فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى
162
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 162