ووجوه النظر والمقاييس وقالوا أيضا لدعاتهم لا تطرحوا بذركم في ارض سبخة وأرادوا بذلك منع دعاتهم عن اظهار بدعتهم عند من لا يؤثر فيهم بدعتهم كما لا يؤثر البذر في الأرض السبخة شيئا وسموا قلوب اتباعهم الأغنام أرضا زاكية لأنها تقبل بدعتهم وهذا المثل بالعكس أولى وذلك ان القلوب الزاكية هي القابلة للدين القويم والصراط المستقيم وهى التي لا تصدأ بشبه أهل الضلال كالذهب الإبريز الذي لا يصدأ في الماء ولا يبلى في التراب ولا ينقص في النار والأرض السبخة كقلوب الباطنية وسائر الزنادقة الذين لا يزجرهم عقل ولا يردعهم شرع منهم أرجاس أنجاس أموات غير أحياء « إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا » وأقل حويلا قد قسم لهم الحظ من الرزق من قسم رزق الخنازير في مراعيها وأباح طعمه العنب في براريها « لا يسأل عما يفعل وهم يسألون » . وقالوا أيضا من شرط الداعي إلى مذهبهم ان يكون عارفا بالوجوه التي تدعى بها الأصناف فليست دعوة الأصناف من وجه واحد بل لكل صنف من الناس وجهه يدعى منه إلى مذهب الباطن . فمن رآه الداعي مائلا إلى العبادات حمله على الزهد والعبادة ثم سأله عن معاني العبادات وعلل الفرائض وشككه فيها . ومن رآه ذا مجون وخلاعة قال له العبادة باله وحماقته وانما الفطنة في نيل اللذات وتمثل له بقول الشاعر : من راقب الناس مات هما * وفاز باللذة الجسور ومن رآه شكا في دينه أو في المعاد والثواب والعقاب صرح له بنفي ذلك وحمله على استباحة المحرمات واستروح معه إلى قول الشاعر الماجن : أأترك لذة الصهباء صرفا * لما وعدوه من لحم وخمر