واما الحلمانية من الحلولية فهم المنسوبون إلى أبى حلمان الدمشقي وكان أصله من فارس ومنشؤه حلب وأظهر بدعته بدمشق فنسب لذلك إليها وكان كفره من وجهين : أحدهما انه كان يقول بحلول الإله في الاشخاص الحسنة وكان مع أصحابه إذا رأوا صورة حسنة سجدوا لها يوهمون ان الإله قد حل فيها . والوجه الثاني من كفره قوله بالإباحة ودعواه ان من عرف الإله على الوصف الذي يعتقده هو زال عنه الخطر والتحريم واستباح كل ما يستلذه ويشتهيه . قال عبد القاهر رأيت بعض هؤلاء الحلمانية يستدل على جواز حلول الإله في الأجساد بقول الله تعالى للملائكة في آدم « فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين » وكان يزعم ان الإله انما أمر الملائكة بالسجود لآدم لأنه كان قد حل في آدم وانما حله لأنه خلقه في أحسن تقويم ولهذا قال « لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم » فقلت له أخبرني عن الآية التي استدللت بها في أمر الله الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام والآية الناطقة بان الانسان مخلوق في أحسن تقويم هل أريد بهما جميع الناس على العموم أم أريد بهما انسان بعينه فقال ما الذي يلزمني على كل واحد من القولين ان قلت به فقلت ان قلت ان المراد بهما كل الناس على العموم لزمك ان تسجد لكل انسان وان كان قبيح الصورة لدعواك ان الإله حل في جميع الناس وان قلت ان المراد به انسان بعينه وهو آدم عليه السلام دون غيره فلم تسجد لغيره من أصحاب الصور الحسنة ولم تسجد للفرس الرابع والشجرة المثمرة وذوات الصور الحسنة من الطيور والبهائم وربما كان لهب الناس في صورة فان استجزت السجود له فقد جمعت بين ضلالة الحلولية وضلالة عابدي النار وإذا لم تسجد للنار ولا للماء ولا للهواء ولا للسماء مع حسن صور