وقد ردوا ببدعتهم هذه الاخبار الصحيحة في أن أول شيء خلقه تعالى اللوح والقلم ثم أجرى القلم على اللوح بما هو كائن إلى يوم القيامة . وقالوا لو خلق الله تعالى الخلق وكان في معلومه انه لا يؤمن به أحد منهم لكان خلقه إياهم عبثا وانما حسن منه خلق جميعهم لعلمه بأيمان بعضهم . وقال أهل السنة لو خلق الكفرة دون المؤمنين أو خلق المؤمنين دون الكفرة جاز ولم يقدح ذلك في حكمته . وزعمت الكرامية أنه لا يجوز في حكمة الله تعالى احترام الطفل الذي يعلم أنه إن أبقاه إلى زمان بلوغه آمن ولا احترام الكافر الذي لو أبقاه إلى مدة آمن إلا أن يكون في احترامه إياه قبل وقت ايمانه صلاح لغيره . ويلزمهم على هذا القول ان يكون الله تعالى انما احترام إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بلوغه لأنه علم انه لو أبقاه لم يؤمن وفى هذا قدح منهم في كل من مات من ذراري الأنبياء طفلا . ومن جهالاتهم في باب النبوة والرسالة قولهم بأن النبوة والرسالة صفتان حالتان في النبي والرسول سوى الوحي إليه وسوى معجزاته وسوى عصمته عن المعصية وزعموا أن من فعل فيه تلك الصفة وجب على الله تعالى إرساله وفرقوا بين الرسول والمرسل بان الرسول من قامت به تلك الصفة والمرسل هو المأمور بأداء الرسالة . ثم انهم خاضوا في باب عصمة الأنبياء عليهم السلام فقالوا كل ذنب اسقط العدالة أو أوجب حدا منهم معصومون منه غير معصومين مما دون ذلك وقال بعضهم لا يجوز الخطأ عليهم في التبليغ وأجاز ذلك بعضهم وزعم أن النبي عليه السلام أخطأ في تبليغ قوله « ومناة الثالثة الأخرى » حتى قال بعده تلك الغرانيق العلى شفاعتها ترتجى .