وترك المعصية دوام النعيم عليهم ؟ وما أنكرت عليهم من أنهم يكونون في الآخرة منهيين عن المعاصي ومعصومين منها كما قال أصحابنا مع أكثر الشيعة ان الأنبياء عليهم السلام كانوا في الدنيا منتهين عن المعاصي ومعصومين عنها وكذلك الملائكة منتهون عن المعاصي ومعصومون عنها ولذلك قال الله عز وجل فيهم « لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون » . والفضيحة الثالثة من فضائحه قوله بطاعات كثيرة لا يراد الله عز وجل بها كما ذهب إليه قوم من الخوارج الأباضية وقد زعم أن ليس في الأرض هدى ولا زنديق الا وهو مطيع لله تعالى في أشباه كثيرة وان عصاه من جهة كفره وقال أهل السنة والجماعة ان الطاعة لله عز وجل ممن لا يعرفه انما تصح في شيء واحد وهو النظر والاستدلال الواجب عليه قبل وصوله إلى معرفة الله فان يفعل ذلك يكن مطيعا لله تعالى لأنه قد أمره به وان لم يكن قصد بفعله لذلك النظر الأول التقرب به إلى الله عز وجل ولا تصح منه طاعة لله تعالى سواها الا إذا قصد بها التقرب بها إليه لأنه يمكنه ذلك إذا توصل بالنظر الأول إلى معرفة الله تعالى ولا يمكنه قبل النظر الأول التقرب به إليه إذا لم يكن عارفا به قبل نظره واستدلاله . واستدل أبو الهذيل على دعواه صحة وقوع طاعات الله تعالى ممن لا يعرفه بأن قال ان أوامر الله تعالى بإزائها زواجره فلو كان من لا يعرفه فعل ترك جميع أوامره وجب ان يكون قد صار إلى جميع زواجره وان يكون من ترك جميع الطاعات قد صار إلى جميع المعاصي ولو كان كذلك لصار الدهري يهوديا ونصرانيا ومجوسيا وعلى أديان سائر الكفرة وإذا صار المجوسي تاركا لكل كفر سوى المجوسية علمنا أنه عارض بمجوسيته التي قد نهى عنها ومطيع لله عز وجل بترك ما تركه من أنواع الكفر لأنه مأمور بتركها . فقلت له ليس الأمر في أوامر الله تعالى وزواجره على ما ظننته ولكن