ذلك لان جمهورهم على قول أهل السنة في ان الله تعالى خالق أعمال العباد وفى أن الاستطاعة مع الفعل . وزعمت الحارثية انه لم يكن لهم إمام بعد المحكمة الأولى إلا عبد الله بن إباض وبعده حارث ابن مزيد الأباضي . ذكر أصحاب طاعة لا يراد الله بها زعم هؤلاء أنه يصح وجود طاعات كثيرة ممن لا يريد الله تعالى بها كما قاله أبو الهزيل وأتباعه من القدرية . وقال أصحابنا أن ذلك لا يصح إلا في طاعة واحدة وهو النظر الأول فإن صاحبه إذا استذل به كان مطيعا لله تعالى في فعله وإن لم يقصد به التقرب إلى الله تعالى لاستحالة تقربه إليه قبل معرفته فإذا عرف الله تعالى فلا يصح منه بعد معرفته طاعة منه لله تعالى الا بعد قصده التقرب بها إليه . وزعمت الأباضية كلها أن دور مخالفيهم من أهل مكة دار توحيد الا معسكر السلطان فإنه دار بغى عندهم . واختلفوا في النفاق على ثلاثة أقوال : فقال فريق منهم إن النفاق براءة من الشرك والايمان جميعا واحتجوا بقول الله عز وجل في المنافقين « مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا » . وفرقة منهم قالت كل نفاق شرك لأنه يضاد التوحيد وفرقة ثالثة قالت لا نزيل اسم النفاق عن موضعه ولا نسمى بالنفاق غير القوم الذين سماهم الله تعالى منافقين . ومن قال منهم بأن المنافق ليس بمشرك زعم أن المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا موحدين وكانوا أصحاب كبائر فكفروا وإن لم يدخلوا في حد