الْمَجَالِ فِي الْمُنَاظَرَةِ ، فَإِنَّ الْمُنَازِعَ لَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ النِّيَّةِ قَاسَ طَهَارَةَ الْحَدَثِ عَلَى طَهَارَةِ الْخَبَثِ ، فَمَنَعُوا الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ ، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَصَحُّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ جَاهِلاً أَوْ نَاسِياً فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ ، وَأَحْمَدَ فِي أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ ؛ { ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ لِلْأَذَى الَّذِي كَانَ فِيهِمَا ، وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ الصَّلَاةَ } .وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ، { لَمَّا وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً أَمَرَ بِغَسْلِهَا وَلَمْ يُعِدْ الصَّلَاةَ } ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا كَانَ مَقْصُودُهُ اجْتِنَابَ الْمَحْظُورِ إذَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ نَاسِياً أَوْ مُخْطِئاً ، فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ .قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } .وَقَالَ تَعَالَى { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } .قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : قَدْ فَعَلْت ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ .وَلِهَذَا كَانَ أَقْوَى الْأَقْوَالِ : أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ نَاسِياً أَوْ مُخْطِئاً مِنْ مَحْظُورَاتِ الصَّلَاةِ ، وَالصِّيَامِ ، وَالْحَجِّ لَا يُبْطِلُ الْعِبَادَةَ ، كَالْكَلَامِ نَاسِياً ، وَالْأَكْلِ نَاسِياً ، وَاللِّبَاسِ ، وَالطِّيبِ نَاسِياً ، وَكَذَلِكَ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِياً .وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ نِزَاعٌ ، وَتَفْصِيلٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا زَالَ الْخَبَثُ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ ، حَصَلَ الْمَقْصُودُ ، لَكِنْ إنْ زَالَ بِفِعْلِ الْعَبْدِ وَنِيَّتِهِ ، أُثِيبَ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِلَّا إنْ عَدِمَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَا نِيَّتِهِ زَالَتْ الْمَفْسَدَةُ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوَابٌ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عِقَابٌ .76 - 61 مَسْأَلَةٌ : فِي نَاسٍ فِي مَفَازَةٍ وَمَعَهُمْ مَاءٌ قَلِيلٌ ، فَوَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ فَمَا الْحُكْمُ فِيهِ ؟