71 - 55 مَسْأَلَةٌ : سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ : هَلْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى عُنُقِهِ فِي الْوُضُوءِ ، أَوْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ؟ وَهَلْ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ كَالْخُفِّ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ يَكُونُ الْخَرْقُ الَّذِي فِيهِ الَّذِي بَيْنَ الطَّعْنِ مَانِعاً مِنْ الْمَسْحِ فَقَدْ يَصِفُ بَشَرَةَ شَيْءٍ مِنْ مَحِلِّ الْفَرْضِ وَإِذَا كَانَ فِي الْخُفِّ خَرْقٌ بِقَدْرِ النِّصْفِ أَوْ أَكْثَرَ هَلْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ أَمْ لَا ؟الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، لَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى عُنُقِهِ فِي الْوُضُوءِ ، بَلْ وَلَا رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ ، بَلْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي فِيهَا صِفَةُ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ [ فِيهَا أَنَّهُ كَانَ ] يَمْسَحُ عُنُقَهُ .وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَحِبَّ ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ : كَمَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِمْ ، وَمَنْ اسْتَحَبَّهُ فَاعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى أَثَرٍ يُرْوَى ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ حَدِيثٍ يَضْعُفُ نَقْلُهُ : { أَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ } وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ عُمْدَةً وَلَا يُعَارِضُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ .وَمَنْ تَرَكَ مَسْحَ الْعُنُقِ فَوُضُوءُهُ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .وَأَمَّا مَسْحُ الْجَوْرَبِ : نَعَمْ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إذَا كَانَ يَمْشِي فِيهِمَا ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُجَلَّدَةً ، أَوْ لَمْ تَكُنْ ، فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ .فَفِي السُّنَنِ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ وَنَعْلَيْهِ } وَهَذَا الْحَدِيثُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ هَذَا مِنْ صُوفٍ وَهَذَا مِنْ جُلُودٍ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْفَرْقِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الشَّرِيعَةِ ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جُلُوداً أَوْ قُطْناً ، أَوْ كَتَّاناً ، أَوْ صُوفاً كَمَا لَمْ