يُفَرَّقْ بَيْنَ سَوَادِ اللِّبَاسِ فِي الْإِحْرَامِ وَبَيَاضِهِ ، وَمَحْظُورِهِ وَمُبَاحِهِ ، وَغَايَتُهُ أَنَّ الْجِلْدَ أَبْقَى مِنْ الصُّوفِ فَهَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ ، كَمَا لَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِ الْجِلْدِ قَوِيّاً ، يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى مَا يَبْقَى وَمَا لَا يَبْقَى .وَأَيْضاً فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَسْحِ عَلَى هَذَا ، كَالْحَاجَةِ إلَى الْمَسْحِ عَلَى هَذَا سَوَاءٌ ، وَمَعَ التَّسَاوِي فِي الْحِكْمَةِ وَالْحَاجَةِ ، يَكُونُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ ، وَهَذَا خِلَافُ الْعَدْلِ وَالِاعْتِبَارِ الصَّحِيحِ ، الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ كُتُبَهُ ، وَأَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ ، وَمَنْ فَرَّقَ يَكُونُ هَذَا يَنْفُذُ الْمَاءُ مِنْهُ ، وَهَذَا لَا يَنْفُذُ مِنْهُ ، فَقَدْ ذَكَرَ فَرْقاً طَرْدِيّاً عَدِيمَ التَّأْثِيرِ .وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ : يَصِلُ الْمَاءُ إلَى الصُّوفِ أَكْثَرَ مِنْ الْجِلْدِ ، فَيَكُونُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ أَوْلَى لِلصُّوفِ الطَّهُورِ بِهِ أَكْثَرَ كَانَ هَذَا الْوَصْفُ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ ، وَأَقْرَبَ إلَى الْأَوْصَافِ الْمُؤَثِّرَةِ ، وَذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الْأَوْصَافِ الطَّرْدِيَّةِ ، وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ .وَخُرُوقُ الطَّعْنِ لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الْمَسْحِ ، وَلَوْ لَمْ تُسْتَرْ الْجَوَارِبُ إلَّا بِالشَّدِّ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ ، وَكَذَلِكَ الزُّرْبُولُ الطَّوِيلُ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ ، وَلَا يُسْتَرُ إلَّا بِالشَّدِّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .72 - 56 مَسْأَلَةٌ : فِيمَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الْحَيْضُ لِلْجَارِيَةِ الْبِكْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهُنَّ ، وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ } . هَلْ هُوَ صَحِيحٌ ؟ وَمَا تَأْوِيلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ؟الْجَوَابُ : أَمَّا نَقْلُ هَذَا الْخَبَرِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ بَاطِلٌ بَلْ هُوَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ ، وَلَكِنْ هُوَ مَشْهُورٌ عَنْ أَبِي الْخُلْدِ عَنْ أَنَسٍ ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِي أَبِي الْخُلْدِ ، وَأَمَّا الَّذِينَ يَقُولُونَ : أَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ ، كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ ، وَيَقُولُونَ : أَقَلُّهُ يَوْمٌ كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ ، أَوْ لَا حَدَّ لَهُ ، كَمَا يَقُولُهُ مَالِكٌ ، فَهُمْ يَقُولُونَ : لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ فِي هَذَا شَيْءٌ ، وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ كَمَا قُلْنَا ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .