الْوَجْهُ الْخَامِسُ : مَا رُوِيَ أَيْضاً فِي سُنَنِهِ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ } " وَهُوَ نَصٌّ جَامِعٌ مَانِعٌ ، وَهُوَ صُورَةُ الْفَتْوَى فِي الْمَسْأَلَةِ .الْوَجْهُ السَّادِسُ : الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ : { مَا أُبَالِي مَا أُتِيت أَوْ مَا رَكِبْت - إذَا شَرِبْت تِرْيَاقاً ، أَوْ نَطَقْت تَمِيمَةً ، أَوْ قُلْت الشِّعْرَ مِنْ نَفْسِي } " .مَعَ مَا رُوِيَ مِنْ كَرَاهَةِ مَنْ كَرِهَ التِّرْيَاقَ مِنْ السَّلَفِ ، إلَى أَنَّهُ لَمْ يُقَابِلْ ذَلِكَ نَصٌّ عَامٌّ وَلَا خَاصٌّ يَبْلُغُ ذُرْوَةَ الْمَطْلَبِ ، وَسَنَامَ الْمَقْصِدِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَلَوْلَا أَنِّي كَتَبْت هَذَا مِنْ حِفْظِي لَاسْتَقْصَيْتُ الْقَوْلَ عَلَى وَجْهٍ يُحِيطُ بِمَا دَقَّ وَجَلَّ ، وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ .الدَّلِيلُ الثَّالِثُ : وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رَابِعٌ : الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الَّذِي خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، وَغَيْرِهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ ؟فَقَالَ : { صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ } وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَقَالَ : { لَا تُصَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ } " ، وَوَجْهُ الْحُجَّةِ مِنْ وَجْهَيْنِ .أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ أَطْلَقَ الْإِذْنَ بِالصَّلَاةِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَائِلاً يَقِي مِنْ مُلَامَسَتِهَا ، وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ إلَى الْبَيَانِ ، فَلَوْ احْتَاجَ لَبَيَّنَهُ ، وَقَدْ مَضَى تَقْرِيرُ هَذَا .وَهَذَا شَبِيهٌ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ : تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ ، فِي حِكَايَةِ الْحَالِ ، مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ .يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ .فَإِنَّهُ تَرَكَ اسْتِفْصَالَ السَّائِلِ أَهُنَاكَ حَائِلٌ يَحُولُ بَيْنَك وَبَيْنَ أَبْعَارِهَا ؟مَعَ ظُهُورِ الِاحْتِمَالِ ، لَيْسَ مَعَ قِيَامِهِ فَقَطْ ، وَأُطْلِقَ الْإِذْنُ ، بَلْ هَذَا أَوْكَدُ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ هُنَا إلَى الْبَيَانِ أَمَسُّ وَأَوْكَدُ .وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نَجِسَةً كَأَرْوَاثِ الْآدَمِيِّينَ ، لَكَانَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا إمَّا