اعتقاد العمل سنة والعمل على وفقه فذلك بدعة حقيقية لا إضافية ولهذا الأصل أمثلة كثيرة وقعت الإشارة إليها في أثناء الكلام فلا معنى للتكرار وإذا ثبت في الأمور المشروعة أنها قد تعد بدعا بالإضافة فما ظنك بالبدع الحقيقية فإنها قد تجتمع فيها أن تكون حقيقية وإضافية معا لكن من جهتين فإذا بدعة أصبح ولله الحمد في نداء الصبح ظاهرة ثم لما عمل بها في المساجد والجماعات مواظبا عليها لا تترك كما لا تترك الواجبات وما أشبهها كان تشريعا أولا يلزمه أن يعتقد فيها الوجوب أو السنة وهذا ابتداع ثان إضافي ثم إذا اعتقد فيها ثانيا السنية أو الفرضية صارت بدعة من ثلاثة أوجه ومثله يلزم في كل بدعة أظهرت والتزمت وأما إذا خفيت واختص بها صاحبها فالأمر عليه أخف فيالله ويا للمسلمين ماذا يجنى المبتدع على نفسه مما لا يكون في حسابه وقانا الله شرور أنفسنا بفضله . فصل من تماما ما قبله : وذلك أنه وقعت نازلة إمام مسجد ترك ما عليه الناس بالأندلس من الدعاء للناس بآثار الصلوات بالهيئة الاجتماعية على الدوام - وهو أيضا معهود في أكثر البلاد فإن الإمام إذا سلم من الصلاة يدعو للناس ويؤمن الحاضرون - وزعم التارك أن تركه بناء منه على أنه لم يكن من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فعل الأئمة بعده حسبما نقله العلماء في دواوينهم عن السلف والفقهاء . أما أنه لم يكن من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فظاهر لان حاله عليه السلام في أدبار الصلوات مكتوبات أو نوافل - كانت بين أمرين إما أن يذكر الله تعالى ذكرا هو في العرف غير دعاء فليس للجماعة منه حظ إلا أن يقولوا مثل قوله . أو نحوا من قوله كما في غير أدبار الصلوات كما جاء أنه كان يقول في دبر كل صلاة لا أله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وقوله اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والاكرام وقوله « سبحان ربك رب العزة عما يصفون » الآية ونحو ذلك فإنما كان يقول في خاصة نفسه كسائر الأذكار فمن قال مثل قوله فحسن ولا يمكن في هذا كله هيئة اجتماع .