في الخاطر فمالت إلى بثها النفس ورأت أنه من الأكيد الطلب لما فيه من رفع الالتباس الناشئ بين السنن والبدع لأنه لما كثرت البدع وعم ضررها واستطار شررها ودام الإكباب على العمل بها والسكوت من المتأخرين عن الإنكار لها وخلفت بعدهم خلوف جهلوا أو غفلوا عن القيام بفرض القيام فيها صارت كأنها سنن مقررات وشرائع من صاحب الشرع محررات فاختلط المشروع بغيره فعاد الراجع إلى محض السنة كالخارج عنها كما تقدم فالتبس بعضها ببعض فتأكد الوجوب بالنسبة إلى من عنده فيها علم وقلما صنف فيها على الخصوص تصنيف وما صنف فيها فغير كاف في هذه المواقف مع أن الداخل في هذا الأمر اليوم فاقد المساعد عديم المعين فالموالي له يخلد به إلى الأرض ويلقى له باليد إلى العجز عن بث الحق بعد رسوخ العوائد في القلوب والمعادي يريسه بالأردبيس ويروم أخذه بالعذاب البئيس لأنه يرد عوائده الراسخة في القلوب المتداولة في الأعمال دينا يتعبد به وشريعة يسلك عليها لا حجة له إلا عمل الآباء والأجداد مع بعض الأشياخ العالمين كانوا من أهل النظر في هذه الأمور أم لا ولم يلتفتوا إلى أنهم عند موافقتهم للآباء والأشياخ مخالفون للسلف الصالح فالمعترض لمثل هذا الأمر ينحو نحو عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في العمل حيث قال ألا وإني أعالج أمرا لا يعين عليه إلا الله قد فنى عليه الكبير وكبر عليه الصغير وفصح عليه الأعجمي وهاجر عليه الأعرابي حتى حسبوه دينا لا يرون الحق غيره . وكذلك ما نحن بصدد الكلام عليه غير أنه أمر لا سبيل إلى إهماله ولا يسع أحد ممن له منه إلا الأخذ بالحزم والعزم في بثه بعد تحصيله على كماله وإن كره المخالف فكراهيته لا حجة فيها على الحق ألا يرفع منارة ولا تكشف وتجلى أنواره فقد خرج أبو الطاهر السلفي بسنده إلى أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا أبا هريره علم الناس القرآن وتعلمه فإنك إن مت وأنت كذلك زارت الملائكة قبرك كما يزار البيت العتيق وعلم الناس سنتي وإن كرهوا ذلك وإن أحببت ألا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة فلا تحدث في دين الله حدثا برأيك . قال أبو عبد الله بن القطان وقد جمع الله له ذلك كله من إقراء كتاب الله والتحديث بالسنة أحب الناس أم كرهوا وترك الحدث حتى إنه كان لا يتأول شيئا مما روى تتميما للسلامة من الخطأ .