فمن هذا الباب يرجع الاسلام غريبا كما بدأ لأن المؤالف فيه على وصفه الأول قليل فصار المخالف هو الكثير فاندرست رسوم السنة حتى مدت البدع أعناقها فأشكل مرماها على الجمهور فظهر مصداق الحديث الصحيح . ولما وقع علي من الإنكار ما وقع مع ما هدى الله إليه وله الحمد لم أزل أتتبع البدع التي نبه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذر منها وبين أنها ضلالة وخروج عن الجادة وأشار العلماء إلى تمييزها والتعريف بجملة منها لعلي أجتنبها فيما استطعت وأبحث عن السنن التي كادت تطفئ نورها تلك المحدثات لعلى أجلو بالعمل سناها وأعد يوم القيامة فيمن أحياها إذ ما من بدعة تحدث إلا ويموت من السنن ما هو في مقابلتها حسبما جاء عن السلف في ذلك فعن ابن عباس قال ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدعة وتموت السنن وفي بعض الأخبار لا يحدث رجل بدعة إلا ترك من السنة ما هو خير منها وعن لقمان بن أبي إدريس الخولاني أنه كان يقول ما أحدثت أمة في دينها بدعة إلا رفع بها عنهم سنة وعن حسان ابن عطية قال ما أحدث قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لم يعدها إليهم إلى يوم القيامة إلى غير ذلك مما جاء في هذا المعنى وهو مشاهد معلوم حسبما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . وجاء من الترغيب في إحياء السنن ما جاء . فقد خرج ابن وهب حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله فإن عليه إثم من عمل بها لا ينقص ذلك من آثام الناس شيئا وأخرجه الترمذي باختلاف في بعض الألفاظ مع اتفاق المعنى وقال فيه حديث حسن . وفي الترمذي عن أنس قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل ثم قال لي يا بني وذلك من سنتي ومن أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة حديث حسن . فرجوت بالنظر في هذا الموضع الانتظام في سلك من أحيا سنة وأمات بدعة . وعلى طول العهد ودوام النظر اجتمع لي في البدع والسنن أصول قررت أحكامها الشريعة وفروع طالت أفنانها لكنها تنتظمها تلك الأصول وقلما توجد على الترتيب الذي سنح