طريقة الطبري في الجواب وما تقدم في السؤال مما يظهر منه خلاف ذلك فقضايا أحوال يمكن حملها على وجه صحيح إذا ثبت أن العامل ممن يقتدى به والثاني يحتمل أن يكونوا عملوا على المبالغة فيما استطاعوا لكن لا على جهة الالتزام لا بنذر ولا غيره وقد يدخل الإنسان في أعمال يشق الدوام عليها ولا يشق في الحال فيغتنم نشاطه في حالة خاصة غير ناظر فيها فيما يأتي ويكون جاريا فيه على أصل رفع الحرج حتى إذا لم يستطعه تركه ولا حرج عليه لأن المندوب لا حرج في تركه في الجملة ويشعر بهذا المعنى ما في هذا الحديث عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيته استكمل صيام شهر قط إلا رمضان الحديث فتأملوا وجه اعتبار النشاط والفراغ من الحقوق المتعلقة أو القوة في الأعمال وكذلك قوله في صيام يوم وإفطار يومين ليتني طوقت ذلك إنما يريد المداومة لأنه قد كان يوالى الصيام حتى يقولوا لا يفطر ولا يعترض هذا المأخذ بقوله صلى الله عليه وسلم أحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه وإن قل وإن كان عمله دائما لأنه محمول على العمل الذي يشق فيه الدوام وأما ما نقل عنهم من أدلة صلاة الصبح بوضوء العشاء وقيام جميع الليل وصيام الدهر ونحوه فيحتمل أن يكون على الشرط المذكور وهو أن لا يلتزم ذلك وإنما يدخل في العمل حالا يغتنم نشاطه فإذا أتى زمان آخر وجد فيه النشاط أيضا وإذا لم يخل بما هو أولى عمل كذلك فيتفق أن يدوم له هذا النشاط زمانا طويلا وفي كل حالة هو في فسحة الترك لكنه ينتهز الفرصة مع الأوقات فلا بعد في أن يصحبه النشاط إلى آخر العمر فيظنه الظان التزاما وليس بالتزام وهذا صحيح ولا سيما مع سائق الخوف أو حادي الرجاء أو حامل المحبة وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم وجعلت قرة عيني في الصلاة فلذلك قام صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه وامتثل أمر ربه في قوله تعالى « قم الليل إلا قليلا » الآية والثالث أن دخول المشقة وعدمه على المكلف في الدوام أو غيره ليس أمرا منضبطا بل هو إضافي مختلف بحسب اختلاف الناس في قوة أجسامهم أو في قوة عزائمهم أو في