فأشار إلى أن الآية في النهى عن الغلو يشتمل معناها على كل ما هو غلو وإفراط وأكثر هذه الأحاديث المقيدة آنفا أخرجها الطبري وخرج أيضا عن يحيى بن جعدة قال كان يقال أعمل وأنت مشفق ودع العمل وأنت تحبه عمل دائم وإن قل خير من عمل كثير منقطع وأتى معاذا رجل فقال أوصني قال أمطيعي أنت قال نعم قال صل ونم وافطر وصم واكتسب ولا تأت الله إلا وأنت مسلم وإياك ودعوة المظلوم وعن إسحاق بن سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مطرف يا عبد الله العلم أفضل من العمل والحسنة بين السيئتين وخير الأمور أوسطها وشر السير الحقحقة ومعنى قوله إن الحسنة بين السيئتين أن الحسنة هي القصد والعدل والسيئتين مجاوزة الحد والتقصير وهو الذي دل على معناه قول الله تعالى « ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط » الآية وقوله « والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا » الآية ومعنى الحقحقة ارفع السير وإتعاب الظهر وهو راجع إلى الغلو والإفراط ونحوه عن يزيد بن مرة الجعفي قال العلم خير من العمل والحسنة بين السيئتين وعن كعب الأحبار إن هذا الدين متين فلا تبغض إليك دين الله وأوغل برفق فإن المنبت لم يقطع بعدا ولم يستبق ظهرا واعمل عمل المرء الذي يرى أنه لا يموت اليوم واحذر حذر المرء الذي يرى أنه يموت غدا وخرج ابن وهب نحوه عن عبد الله بن عمرو بن العاص وهذه إشارة إلى الأخذ بالعمل الذي يقتضى المداومة عليه من غير حرج . وعن عمر بن إسحاق قال أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه أكثر ممن سبقني منهم فما رأيت قوما أيسر سيرة ولا أقل تشديدا منهم . وقال الحسن دين الله وضع فوق التقصير ودون الغلو والأدلة في هذا المعنى جميعها راجع إلى أنه لا حرج في الدين والحرج كما ينطلق على الحرج الحالي - كالشروع في عبادة شاقة في نفسها - كذلك ينطلق على الحرج المآلي إذ